النصب في علاج السمنة

طرق النصب في موضوع خفض الوزن والتخلص من الكيلوجرامات الزائدة كثيرة ومتعددة، لكني سأبدا بضرب مثال. تخيل أني أعطيتك قطعة صغيرة من الحجر وأخبرتك أنها حجارة سحرية تخفض وزنك بسرعة وفاعلية وثمنها عدة آلاف من الجنيهات، لكن يجب معها أن تتناول حوالي 500 سعرا حراريا فقط يوميا (يحتاج الانسان البالغ الى 1200- 2500 سعرا يوميا، تختلف حسب جنسه وطوله ونوع عمله) وانخفض وزنك بالفعل ملتزما بشدة وحرص بكل ما طلبته منك، فهل يكون السبب هو قطعة الحجر السحرية، أم النظام الغذائي الصارم الذي لا يكفي جسدك فيضطر لسحب المخزون فيه من دهون؟

"نصباية" من هذا النوع تنتشر هذه الأيام وتستهدف طبقة من البشر لا يأبهون بما يدفعون في سبيل خفض الوزن، حتى لو بلغ آلافا مؤلفة، طالما يؤكد لهم "المعالح" أنهم سيحققون هدفهم في الرشاقة.

ولنبدأ القصة من أولها. يقبل بعض الناس الآن على شراء دواء في صورة قطرات (نقط) لما يسمى هورمون كوريونيك جونادوتروفين البشري Human chorionic gonadotropin HCG drops كجزء من من نظام لخفض الوزن يتضمن أيضا نظاما غذائيا منخفض السعرات للغاية يصل الى أقل من 500 سعر حراري. وهذا الهورمون يوجد في الطبيعة في النساء الحوامل حيث تنتجه المشيمة.

يدعي مؤيدو هذه الطريقة في العلاج أن هذا الهورمون هو المفتاح لتقليل الجوع واصلاح التمثيل الغذائي لخفض سهل للوزن، ويدعون أيضا أن هذا النظام يمكن متبعيه من خفض أكثر من 13 كيلوجراما في الشهر.

لكن الجهات العلمية الطبية المسئولة لها رأي آخر، فبالرغم من أن ادارة الاغذية والادوية الأمريكية FDA توافق على بعض العلاجات للعقم يستعمل فيها هذا الهورمون، إلا أنها بالقطع لم توافق على استعماله في خفض الوزن، بل في الحقيقة أصدرت تحذيرا في العام الماضي لسبع شركات تبيعه في صورة حبوب أو نقاط أو رذاذ، معلنة أن هذ المنتجات تباع بادعاءات غير حقيقية عن دورها في خفض الوزن، لكن الحقائق ببساطة لا تدعم هذه الادعاءات، وأي خفض للوزن يكون بسبب النظام الغذائي الصارم المصاحب، وليس بسبب استعمال الهورمون. ويقرر أحد الأطباء المتخصصين أن استعمال هذا الهورمون في خفض الوزن حتى في صورة حقن ليس أفضل من الحقن بمحلول الملح.

لكن من هو ذلك النصاب الألمعي الذي سوق لهذه الفكرة الخبيثة وباعها للأغنياء المشتاقين للرشاقة والوزن المثالي؟ هذا النصاب هو كيفن مارك ترودو، وهو كاتب أمريكي وبائع للعديد من العلاجات المتعلقة بالصحة والدايت، ومعظم ادعاءاته مثيرة للجدل، كما أن كتبه تدعي أن ادارة الأغذية والأدوية الأمريكية وشركات الأدوية تفضل المكسب على العلاج أو الشفاء. ولقد حوكم ترودو على ادعاءاته الكاذبة في كتابة "شفاء خفض الوزن الذي لا يريدونك أن تعرفه" ، ‘The Weight-Loss Cure They" Don’t Want You to Know About‘، وانتهي به الأمر بدفع غرامة 37.6 مليون دولار. في كتابه هذا، والصادر في 2007، يصف خطة علاجية أسسها طبيب غدد صماء بريطاني اسمه أ.ت. دبليو سيميون في الخمسينيات تتضمن الحقن بهورمون الكوريونيك جونادوتروفين لخفض الوزن، وتم نقد هذا النظام في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، والمجلة الأمريكية للتغذية الاكلينيكية، اللتان أظهرتا أن هذا الهورمون غير فعال كوسيلة خفض وزن، مقررة أن "لا يوجد اختلاف احصائي مهم في سياق مجموعتين تم علاج أحدهما بالهورمون والأخرى بمادة غير فعالة، وأن الهورمون لا يظهر أنه يحسن فعالية نظام غذائي صارم مفروض لخفض الوزن". ويقرر المختصون ان خفض الوزن لمن يتبعون هذه "النصباية" يكون بسبب النظام الغذائي قليل السعرات للغاية المفروض فيه، والذي يلتزم به متبعوه التزاما لصيقا بسبب فداحة المبلغ الذين يدفعونه في الدواء، والذين يعتقدون أنه علاج سحري.

النصب لخفض الوزن.. نقط HCG