ريجيم النصب والدجل بهرمون الحمل «اتش. سى. جى».. موضة التخسيس الجديدة

كتب : قسم الصحةمنذ 39 دقيقة

رابط الصفحة في جريدة الوطن

 

هرمون الحمل "أتس سي جي"هرمون الحمل "أتش سي جي"

أكبر بيزنس فى عالم الطب هو بيزنس بيع أوهام الريجيم، صارت فوبيا السمنة هى المورد الرئيسى للبنكنوت لدى الكثيرين من غير المتخصصين، وصار المتخصصون فى علم التغذية والريجيم هم الأقل تأثيراً والأخفض صوتاً، وصار علمهم همساً يطغى عليه ضجيج الدجالين والنصابين وباعة الوهم، وأحدث موضة فى عالم التخسيس التى اكتسحت أرض مصر المحروسة هى موضة التخسيس بهرمون الحمل الـH.C.G الذى يدّعى تجار الوهم أنه يخفض الوزن، يصفونه للمرضى فى صورة نقط تباع بآلاف الجنيهات وهى ومياه الحنفية سواء، سألت «الوطن» المتخصصين عن نقط الـ«إتش سى جى» وتأثيرها فى الريجيم فاكتشفت أننا نعيش خدعة كبرى ووهماً عظيماً.

يقول د. شريف باشا، استشارى علاج العقم وأطفال الأنابيب: «الدليل على أن هذه النقط نصب هو أن هرمون الحمل لا يمكن حتى الآن إلا أن يكون على شكل حقن، وقد صرفت شركات الأدوية الضخمة المليارات على أبحاث تغيير شكل هذه الحقن إلى أقراص أو أى شكل دوائى آخر وفشلت فشلاً ذريعاً مما يدل على أنها مجرد نقط نصب».

دكتور عماد صبحى

يؤكد د. عماد صبحى، استشارى علاج السمنة كلام د. شريف، ويضيف أن «طرق النصب فى موضوع خفض الوزن والتخلص من الكيلوجرامات الزائدة كثيرة ومتعددة، لكنى سأبدأ بضرب مثال، تخيل أننى أعطيتك قطعة صغيرة من الحجر وأخبرتك أنها حجارة سحرية تخفض وزنك بسرعة وفاعلية وثمنها عدة آلاف من الجنيهات، لكن يجب معها أن تتناول نحو 500 سعر حرارى فقط يومياً (يحتاج الإنسان البالغ إلى 1200- 2500 سعر يومياً، تختلف حسب جنسه وطوله ونوع عمله) وانخفض وزنك بالفعل مع التزامك بشدة وحرص بكل ما طلبته منك، فهل يكون السبب هو قطعة الحجر السحرية، أم النظام الغذائى الصارم الذى لا يكفى جسدك فيضطر لسحب المخزون فيه من دهون؟».. «نصباية» من هذا النوع تنتشر هذه الأيام وتستهدف طبقة من البشر لا يأبهون بما يدفعون فى سبيل خفض الوزن، حتى لو بلغ آلافاً مؤلفة، طالما يؤكد لهم «المعالج» أنهم سيحققون هدفهم فى الرشاقة.

ولنبدأ القصة من أولها –يقول د. عماد صبحي-. يقبل بعض الناس الآن على شراء دواء فى صورة قطرات (نقط) لما يُسمى هرمون كوريونيك جونادوتروفين البشرى Human chorionic gonadotrophin HCG drops كجزء من نظام لخفض الوزن يتضمن أيضاً نظاماً غذائياً منخفض السعرات للغاية يصل إلى أقل من 500 سعر حرارى. وهذا الهرمون يوجد فى الطبيعة فى النساء الحوامل؛ حيث تنتجه المشيمة.

يدّعى مؤيدو هذه الطريقة فى العلاج أن هذا الهرمون هو المفتاح لتقليل الجوع وإصلاح التمثيل الغذائى لخفض سهل للوزن، ويدّعون أيضاً أن هذا النظام يمكّن متّبعه من خفض أكثر من 13 كيلوجراماً فى الشهر، لكن الجهات العلمية الطبية المسئولة لها رأى آخر، فعلى الرغم من أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA توافق على بعض العلاجات للعقم يستعمل فيها هذا الهرمون، فإنها بالقطع لم توافق على استعماله فى خفض الوزن، بل فى الحقيقة أصدرت تحذيراً فى العام الماضى لسبع شركات تبيعه فى صورة حبوب أو نقاط أو رذاذ، معلنة أن هذه المنتجات تباع بادعاءات غير حقيقية عن دورها فى خفض الوزن، لكن الحقائق ببساطة لا تدعم هذه الادعاءات، وأى خفض للوزن يكون بسبب النظام الغذائى الصارم المصاحب، وليس بسبب استعمال الهرمون. ويقرر أحد الأطباء المتخصصين أن استعمال هذا الهرمون فى خفض الوزن حتى فى صورة حقن ليس أفضل من الحقن بمحلول الملح.

لكن، من ذلك النصاب الألمعى الذى سوّق لهذه الفكرة الخبيثة وباعها للأغنياء المشتاقين للرشاقة والوزن المثالى؟ هذا النصاب هو كيفن مارك ترودو، وهو كاتب أمريكى وبائع للعديد من العلاجات المتعلقة بالصحة و«الدايت»، ومعظم ادعاءاته مثيرة للجدل، كما أن كتبه تدّعى أن إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية وشركات الأدوية تفضّل المكسب على العلاج أو الشفاء. ولقد حوكم ترودو على ادعاءاته الكاذبة فى كتابه «شفاء خفض الوزن الذى لا يريدونك أن تعرفه»، The Weight-Loss Cure They Dont Want You to Know About، وانتهى به الأمر بدفع غرامة 37.6 مليون دولار. فى كتابه هذا، الصادر فى 2007، يصف خطة علاجية أسسها طبيب غدد صماء بريطانى اسمه أ. ت. دبليو سيميون فى الخمسينات تتضمن الحقن بهرمون الكوريونيك جونادوتروفين لخفض الوزن، وتم نقد هذا النظام فى مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، والمجلة الأمريكية للتغذية الإكلينيكية، اللتين أظهرتا أن هذا الهرمون غير فعال كوسيلة خفض وزن، مقررة أنه «لا يوجد اختلاف إحصائى مهم فى سياق مجموعتين تم علاج إحديهما بالهرمون والأخرى بمادة غير فعالة، وأن الهرمون لا يظهر أنه يحسن فعالية نظام غذائى صارم مفروض لخفض الوزن». ويقرر المختصون أن خفض الوزن لمن يتبعون هذه «النصباية» يكون بسبب النظام الغذائى قليل السعرات للغاية الذى يلتزم به متبعوه التزاماً لصيقاً بسبب فداحة المبلغ الذى يدفعونه فى الدواء الذى يعتقدون أنه علاج سحرى” انتهى كلام د. عماد صبحي.

اتجهت جريدة «الوطن» لسؤال سكرتير الجمعية المصرية لدراسة السمنة د. محمد أبوالغيط حتى نأخذ وثيقة رسمية وتصريحاً موثقاً، فأكد د. أبوالغيط أن هذه النقط وهمٌ ويجب محاسبة من يروج لها ويصفها للمرضى، يقول د. أبوالغيط: «حروف HCG هى اختصار لاسم هرمون تفرزه المشيمة خلال فترة الحمل اسمه human chorionic gonadotropin. هذا الهرمون مسئول عن السيطرة على العمليات الأيضية خلال فترة الحمل. يستعمل هذا الهرمون فى الطب لمعالجة بعض حالات صعوبة الحمل والإخصاب، ويتم استخراجه من خلايا طبيعية فى المعامل الطبية».

نُشر مؤخراً أن ريجيم HCG ساعد الكثير على أن يفقدوا وزنهم بصورة سريعة جداً وُصفت فى بعض الحالات بأن معدل فقدان الوزن به حوالى 1 كجم كل يوم، وكما هو معروف أن هذا المعدل السريع جداً فى حد ذاته فى غاية الخطورة على صحة الإنسان ويؤدى إلى مضاعفات صحية خطيرة أبسطها تكوّن حصوات بالمرارة، ولكن يجب التنويه هنا بأن هذا المعدل السريع فى فقدان الوزن لا يمكن أن يُنسب إلى عقار HCG نفسه بل لأنه فى كل حالات العلاج بالـ HCG يوصف للمريض نظام غذائى منخفض السعرات جداً very low calorie diet يحتوى على 500 سعر حرارى فقط يومياً، وهذا هو السبب العلمى فى فقدان الوزن وليس عقار الـ HCG نفسه.

منظمة الأغذية والزراعة الأمريكية (FDA) قامت بتحليل عينات من عقار HCG الذى يباع فى بعض الصيدليات الأمريكية وعن طريق النت بهدف علاج السمنة ولم تجد به أى نسبة ولو ضئيلة من الهرمون، وأعلنت ذلك على مواقعها يوم 6/12/2011. وذلك بالرغم من أن منتجى هذا العقار بهدف علاج السمنة يزعمون احتواءه على 125-200 وحدة من الهرمون.

يباع عقار الـHCG بهدف علاج السمنة على هيئة نقط (ستة نقط 3 مرات يومياً ويمنع تناول الطعام فى خلال الـ30 دقيقة السابقة واللاحقة لتناول النقط، وكلها لا تأثير لها فى الريجيم على الإطلاق».

د. عماد صبحي يتحدث عن ريجيم النصب والدجل بهرمون الحمل اش سي جي.. في جريدة الوطن المصرية