تحب حفيدتي الصغيرة ليلى أن تجلس بجواري، ثم ترسم ابتسامتها الحلوة مسددة  سهام عينيها مباشرة لعيني قائلة: "إحكي لي  حكاية يا دودو".. ودودو هذا هو اللقب الأثير لديِّ، والذي اختصتني به ليلى.. وهو قد يكون اختصارا للقب "جدو" أو لعله دلع اسم "عماد". وهي تطلب الحكاية أيضا عندما تذهب للنوم.. وأشعر بسعادة وفخر عندما تختصني بهذا الطلب.. أن أحكي لها حكاية..

ومن صفات ليلى أنها تختار الحكاية التي تحب أن تسمعها، وكانت كثيرا ما تطلب حكاية "باربي" ابنة الملك التي ترقص مع أخواتها. وكنت كل مرة أستسلم وابدأ في الحكاية.. كان يا ماكان.. كان فيه ملك كبير.. يسكن في قصر كبير.. له حديقة كبيرة.. وهكذا في كل مرة حتى بدأت ليلى تشعر بالملل.

ولرغبتي في الاحتفاظ بليلى كمستمعة وحيدة لحكاياتي، قررت أن أخترع لها حكايات جديدة، كل يوم حكاية. وهداني تفكيري الى اختراع شخصيات من عندي تكون أبطالا للحكايات.. فاخترعت شخصية "نحولة" وهي نحلة صغيرة لطيفة نشطة تحب الرسم، وشخصية "نحول" شقيقها الصغير الذي يهوى لعب الكرة.. وفي هذا تماثل مع شخصية ليلى وشقيقها الأصغير شريف.. لكن ليلى كان لها رأي أخر في أسماء الأبطال.. فكانت تأتي تتمسح في أحضاني وهي تقول بصوتها الموسيقى الجميل: "يا دودو.. احكي لي حكاية نحلولة ونحلول".. آه.. ليلى تحب أن تسمي بطلة القصة "نحلولة" وليست "نحولة".. أما شقيقها فهو "نحلول" وليس "نحول".. لا بأس إذن.. نحلولة ونحلول اسمان جميلان.. ثم أن اسم نحلولة يليق بنحلة.. وأيضا نحلول..

في حكاياتي عن "نحلولة ونحلول" حاولت أن أعلم ليلى بعض القيم الجميلة من حب وتعاون وصداقة وصفاء وادراك للجمال.. كما حاولت أن أعلمها بعض المبادئ البسيطة والمفيدة في أشياء كثيرة.. منها التغذية بطبيعة الحال.. وأحاول هنا أن أشارككم هذه الحكايات – إن أردتم – لعلها تنفع في تعليم الصغار ما يفيدهم  في مواضيع المبادئ والقيم الجميلة عامة، ومعلومات ضرورية تتعلق بالطعام والتغذية بوجه خاص.

ولنتابع معا أولى حكاياتنا:

نحلولة تكتشف ألوانها السحرية

كان يا ما كان.. كان فيه نحلة طيبة ساكنة في خلية نحل جميلة، وكان عندها بنت صغيرة اسمها "نحلولة"، وولد أصغر منها اسمه "نحلول".. "نحلولة" تحب الرسم، فكانت تمد أوراقها أمامها على منضدة، وتبدأ في الرسم عليها بفرشاتها التي تغمسها في كوب به ماء ثم تلمس به ألوانها وترسم على أوراقها زهورا وأشجارا وفراشات ملونة جميلة.. بينما يفضل "نحلول" لعب الكرة التي يهواها منذ تعلم الوقوف على قدميه.. فيضربها ثم يركض خلفها ضاحكا.

رسمت "نحلولة" شجرة أوراقها خضراء مبهجة ولها ساق من الخشب لونه بني.. وفرحت "نحلولة" بما رسمته جدا، حتى حدث ما أزعجها وتسبب في بكائها.. إذ ضرب "نحلول" الكرة بقوة فأطاح بكوب الماء الذي انسكب على أوراق "نحلولة" وأغرق الشجرة التي رسمتها.. صاحت "نحلولة" باكية منادية أمها التي كانت تعد الطعام في المطبخ.. وجاءت الأم مسرعة لكي تهدئ من روع "نحلولة".. وهنا حدث شيء عجيب.. إذ عندما سقط الماء على الشجرة المرسومة نمت وامتدت أغصانها وأصبحت شجرة حقيقية.. فاندهشت الأم ومعها نحلولة.. وأدركا أن هناك شيئا سحريا قد حدث.. وهو أنه بعد رسم أي شيء بهذه الألوان ثم رشه بالماء يتحول هذا الشيء الى حقيقة.. الشجرة أصبحت شجرة حقيقية.. وهنا ابتسمت "نحلولة" وأدركت أنها أصبحت تمتلك ألوانا سحرية تستطيع بها رسم أي شيء ثم تحويله لشيء حقيقي وليس مجردة صورة مرسومة.. وراحت "نحلولة" تتخيل ما سوف تفعله في المرات القادمة التي سترسم بها أي شيء بهذه الألوان السحرية. (يتبع)

نحلولة ونحلول