حان وقت نوم صغيرتي ليلى، فأمسكت بيدي وقادتني الى فراش نومها، وقالت لي بصوتها الموسيقي:"ياللا بأه يا دودو احكي لي حكاية نحلولة ونحلول.. دلوقتي".. كانت كلماتها فرمانا يجب تنفيذه في الحال. تقمصت شخصية الراوي وبدأ خيالي الجامح في ترتيب تفاصيل الحكاية الجديدة.. فردت الغطاء على جسد ليلى الصغير، وهي تتقافز في داخله، في انتظار ما سوف يحدث من نحلولة ونحلول، والألوان السحرية العجيبة التي تحول كل ما ترسمه نحلولة بها الى أشياء حقيقية…..
جلست نحلولة كعادتنا ترسم بألوانها السحرية على أوراقها، وقد سرحت بخيالها في المغامرات التي يمكن أن تقوم بها بهذه الألوان العجيبة التي اكتشفت سرها مؤخرا.. وبينما هي تفكر، سمعت شقيقها نحلول وهي يبحث عن كرته بدون جدوى.. فهو يحب لعب الكرة، وهذه المرة لا يجدها.. لم تستغرق نحلولة وقتا طويلا للحصول على كرة لنحلول.. فقد رسمت بألوانها السحرية كرة، ثم مررت عليها فرشة مبللة بالماء، وإذا بالكرة المرسومة تنقلب الى كرة حقيقية.. كرة حمراء جميلة تلمع وتنط وتقفز، وتجري عند أول ركلة.. نحلولة تحب شقيقها جدا وتحب أن تسعده.. أعطته الكرة ففرح بها، وراح يركلها ويجرى وراءها بسعادة.
ما أن انتهت نحلولة من حل مشكلة كرة نحلول، حتى سمعت ماما نحلة من المطبخ تشكو من عدم وجود خضار للسلطة التي تحب اعدادها يوميا، ويعشقها كل من بالبيت: نحلولة ونحلول وماما نحلة وبابا نحلة.. شعرت نحلولة بالأسف لغياب طبق السلطة اللذيذ الذي تحب أن تبدأ به وجبة الغذاء.. لكن أسفها لم يستمر طويلا.. فالحل دائما موجود.. الألوان السحرية بالطبع.
راحت نحلولة ترسم طماطم (بندورة) حمراء جميلة ولامعة، وخس أخضر طازج، وخيار ممشوق قشرته داكنة الخضرة، وجزر أصفر شهي، كما رسمت بصلة بيضاء كبيرة لأنها تعشق حلقات البصل التي تزين طبق السلطة.. فكرت نحلولة قليلا، ثم أضافت بعض حبات من الفلفل الأخضر والأصفر الذهبي والبرتقالي والأحمر الداكن.. فهي تحب الألوان وتحب أن يحتوي طبق السلطة على كل الألوان من أحمر وأخضر وأصفر وبرتقالي وأبيض.. ولم تنس أن ترسم بعض ثمار الليمون الحامض.. ثم ابتسمت وهي ترسم قالب من الجبن الأبيض إذ تذكرت أن أباها يحب مكعبات الجبن على السلطة الخضراء.. تعرف نحلولة أن الخضراوات الملونة تحتوي على مواد غذائية رائعة تسمى فيتامينات ومعادن، كما سمعت من أمها أنها تحتوي على مضادات الأكسدة وهي كلمة لا تعرف معناها بالضبط لكنها تعرف أنها مفيدة للصحة.
ما إن انتهت نحلولة من رسم كل مكونات السلطة حتى مررت عليها الفرشاة المبللة بالماء.. فانقلبت الرسومات الى ثمار حقيقية، وراحت حبات الطماطم تتدحرج على المائدة، وتصطدم بحبات الفلفل، مما دفع نحلولة الى الضحك بصوت عال من فرط السعادة.
سمعت ماما نحلولة ضحكات نحلولة وهي بالمطبخ، فخرجت مسرعة لتبين الأمر، وهنا كانت المفاجأة الجميلة التي أسعدتها، عندما وجدت كل مكونات السلطة الخضراء والملونة الطازجة أمامها على المائدة التي ترسم عليها نحلولة.. نظرت الأم الى نحلولة بحب وهي تربت على كتفها تعبيرا عن الاعجاب والتقدير لأن نحلولة تساعدها على هذا النحو.
قامت الأم بتقطيع كل الخضار الذي نجحت نحلولة في رسمه، ثم عصرت عليه الليمون، ورشت على طبق السلطة الشهي بعض الملح والفلفل، ثم قامت بتقطيع قالب الجبن الى مكعبات، فأصبح طبق السلطة الشهي جاهزا للأكل.
عندما حضر بابا نحلة من عمله أبدي اعجابه بطبق السلطة الجميل الذي يزين المائدة، والذي كان طعمه لذيذا أيضا.. وشكر ماما نحلولة على براعتها في اعداد السلطة اللذيذة، فنظرت الأم الى نحلولة نظرة ذات مغزى، وغمزت لها، فغمزت نحلولة لها في المقابل.. ذلك أن سر الألوان السحرية لا يعرفه الا نحلولة وأمها..
بعد طبق السلطة اللذيذ، تناول الجميع الأرز والخضار وقطع الدجاج التي تبرع ماما نحلة في اعدادها، وبعدها راحت نحلولة تفكر في مغامرتها القادمة مع ألوانها السحرية (يتبع).