جاءت كلمات “نسرين من سوريا” في مقالها الرائع “تفكير مستمر” صادقة ومعبرة عن أفكار ومشاعر من ينجح في الانتقال الى الرشاقة والصحة بعد معاناة مع وزن زائد. وتكشف كلمات “نسرين” عن معاناة هذا الشخص مع بيئته ومجتمعه المحيط. ويبدو أن عدوى “التفكير المستمر” قد انتقلت لي، فأخذت أفكر في ما قالته، وفي الوضع الجديد للشخص الذي حقق انجازا يبدو صعبا في عيون الآخرين بمقاومته لما لذ وطاب من ألوان الطعام الشهي، مستهدفا الوصول للرشاقة والصحة.
نتبنى دائما مقولة أن النظام الغذائي الصحي السليم لخفض الوزن ليس مرحلة نعود بعدها لما اعتدناه من تناول لطعام أو شراب، لكنه تغيير في أسلوب الحياة، وتبني لأفكار جديدة بصورة مستمرة ومؤكدة، لكي نحيا حياة صحية سليمة تحقق لنا الرشاقة والصحة، وهو ما ينعكس على نفسيتنا وحياتنا عموما.
وتؤكد لنا خزانة ملابسنا حقيقة التغيير الذي حدث في حياتنا، كما تؤكده لنا نظرات وتعليقات المجتمع المحيط بنا. والواقع أن أراء مجموعة المحيطين بنا قد تكون خادعة في أحيان كثيرة، ذلك أن نجاحنا في خفض أوزاننا والوصول الى الرشاقة لا يعني لهم أحيانا إلا احساس بالاعجاب السلبي الذي يعكس حسرة على أوضاعهم وفشلهم الشخصي في تحقيق ما حققناه نحن من رشاقة وخفض للوزن.. وبقصد أو بدون يبدؤون حملة لتكسير الهمم عن طريق التشكيك في الاستمرار، وأحيانا عن طريق الاغراء المستمر بأسباب العودة للسمنة.
وأحب في أوقات كثيرة أن ألفت نظر الناجحين في الوصول للرشاقة بتغيير أساليب حياتهم الغذائية والحركية الى أن انجازهم هذا لا يقتصر على التغذية والوزن، لكنه أيضا تأكيد لهم بالقدرة على النجاح وتحقيق أي هدف يمكن أن يفكروا فيه، واثبات لذواتهم أن لديهم أرصدة كبيرة من القدرة والثقة بالنفس.. وهنا استخدم نفس تعبيرات “نسرين” عندما كتبت: “..أؤمن بوجود بطل حقيقي داخل كل إنسان, يجب عليه أن يشجعه ويدفعه للخروج , على الأقل ليعرف حدود قدرته على الإنجاز”..
على المستوى الشخصي كطبيب أزعجتني فكرة أنه بمساعدتي لشخص ما في تغيير أفكاره وسلوكياته الغذائية والحركية وصولا للرشاقة والصحة، فاني أختطفه من بيئته ومجتمعه وأضعه في بيئة خيالية مثالية غذائيا وحركيا، بيئة يجد نفسه فيها وحيدا دون رفيق أو صديق.. لكن بعد تفكير قصير تأكد لدي أن البيئة التي سيعيش فيها هذا الشخص بعد وصوله للرشاقة ليست خيالية أو مستحيلة. فبعد الانتهاء من منهجنا الغذائي المتكامل سيكون في امكان الشخص تناول معظم أنواع الطعام مع الاحتراس بالطبع من الحلويات والسكريات المباشرة.. سيجلس هذا الشخص الى أي وليمة مثله مثل أي شخص آخر.. يتناول من السلطات، ويتلذذ بالمقبلات.. ويختار مالذ وطاب من أنواع الطعام.. منتقيا من بين النشويات واللحوم والخضراوات.. واذا كان الطعام دسما أحيانا، فيمكنه أن يتناول منه مع الاقلال من النشويات.. وهو مثال قد تدرب عليه هذا الشخص في البرنامج الغذائي المتكامل الذي مر به معنا وصولا للرشاقة.
ان النزهة في المطاعم والاحتفال بالطعام لن يكونا عائقين عن التفاعل الاجتماعي مع الاصدقاء والأهل، لكن الاستمرار في حالة الرشاقة المكتسبة يجعلنا قادرين على التحاور والاختيار بين ما يقدم لنا، حتى يصبح ذلك طريقة أصيلة للتفكير لدينا. ويصبح استمرارنا قائما على أفكار ثابتة، أي استمرار فكري..
وأختم مقالتي باقتباس من كلمات “نسرين” مرة أخرى: إن ما أحمله داخل رأسي هو عقل يجب أن أحتكم إليه في كل لحظة.. وليس معدة عاطفية الجوع..فارغة الهدف لا يشبعها شيء..!!”