لله في خلقه شئون.. الإنسان في أعلى مراتب المخلوقات في العالم لكنه يتعلم من الزواحف والسحالي ويحسدها على بعض صفاتها العضوية.. وعقل الإنسان في أعلى درجات التطور بين عقول كل المخلوقات، لكن قلبه المسكين يتمنى أن يقترب في إمكانياته وتركيبه من قلب السحلية التي تتسلل هاربة بين الأعشاب والصخور.p> 

وفي بحث العلماء المستمر عن علاج وشفاء للقلوب البشرية المريضة لاحظ بعضهم اختلافا مهما بين قلوب البشر والزواحف .. فالقلب البشري يعتمد في تغذيته على الشرايين التاجية محدودة العدد والفروع مما يجعل القلب في خطر حقيقي إذا تعرض فرع أو أكثر من هذه الشرايين لضيق أو انسداد قد يصل إلى موت المريض إذا لم يتم علاجه بسرعة عن طريق دعامات أو تغيير كامل للشرايين التاجية المصابة في عملية قلب مفتوح. بينما تمتلك الزواحف قلوبا تتصف بفارق جوهري عن قلوب البشر، ذلك أنها تتغذى بالدم مباشرة من تجويف القلب وليس بواسطة شرايين رفيعة منفصلة. ويشبه الشريان التاجي في قلب الإنسان صراف البنك الذي يتعامل مع ملايين الملايين من النقود ولكنه يستلم آخر الشهر مرتبه بضعة قليلة من هذه النقود بما قد لا يكفي مطالب أسرته. فالقلب يضخ الدم طوال اليوم بما يساوي آلاف اللترات ولكن نصيبه منها هو ما يسمع به الشريان التاجي المتواضع الإمكانيات، فإذا أصيب هذا الشريان التاجي بمرض تعرض القلب كله للتلف وبالتالي الجسم للموت.

 

وهنا تأتي أهمية اكتشاف خاصية قلوب الزواحف في التغذية المباشرة من الدم المتواجد بكثرة في تجاويفها.. ومن هنا جاءت الفكرة لعلماء الليزر .. فأجروا أبحاثا ناجحة تمكنوا من خلالها من إحداث قنوات في عضلة القلب المريض الذي ينتظر علاجا للشريان التاجي المصاب، ومن خلال هذه القنوات تمكن القلب من التغذية المباشرة من مصدر وافر وغني بالدم مصدر الغذاء والأكسجين لعضلاته الواهنة، مما أدي الى تحسن حالة المرضى بصورة ملحوظة اختفاء الألم بل وظهور علامات على الشفاء الكامل.

 

وأظهرت الأبحاث أن الثقوب التي تم إحداثها في عضلات القلب نما في جوانبها فروع صغيرة تشبه الشرايين تمتد الى عمق عضلات القلب مما يزيد من تغذيتها بالدم. وتقوم طريقة العلاج على إحداث ما يقترب من 20-40 ثقب كل منها بقطر واحد مليمتر وذلك باستخدام شعاع الليزر الذي يضرب البطين الأيسر.

 

وتعتبر هذه التقنية الليزرية من البدائل الحديثة لعلميات ترقيع الشريان التاجي وخصوصا بالنسبة للمرضى الذين لا تسمع حالاتهم بإجراء مثل هذه العمليات. وفي جامعة “تمبل” ببنسلفانيا بالولايات المتحدة قام الباحثون باستعمال هذه التقنية في قلوب مرضى منتظرين لإجراء عمليات نقل قلوب كمرحلة تمهيدية في العلاج، وقرروا أنه في بعض الحالات تم إلغاء عملية نقل القلب لعدم الحاجة إليها بعد تحسن الحالات الملحوظ. وبالرغم من أن العلاج بالليزر مازال تجريبيا إلا أنه يفتح آفاقا هائلة أمام استخدامه في العلاج الطبي في كثير من الأمراض التي قد تبدو الآن صعبة العلاج، ولكنها لن تقاوم التقدم العلمي كثيرا في المستقبل.

السحلية تلهم علماء الليزر لانقاذ قلب الانسان