ظاهرة مثيرة بدأت في البروز مؤخرا في أوساط نجوم السينما والغناء في العالم، ولم نعدم مثيلا لها في العالم العربي. هذه الظاهرة تتمثل في نجوم ونجمات السينما الذين كانوا يتميزون بأجسام سمينة في أحجام شجرة الجميز  أدت الى لجوئهم الى خبراء في التغذية والتخسيس حتي من الله عليهم بالشفاء. بعدها بدأ هؤلاء النجوم في إسداء النصح وعلاج غيرهم مما كانوا يعانون منه بمجرد أن “فتح” الله عليهم بانقاص أوزانهم عدة كيلوجرامات، وحتى قبل أن يصلوا الى ما يسمى بالوزن الصحي أو المناسب لأطوالهم. تجدهم في كل البرامج التليفزيونية وأيضا على صفحات المجلات والجرائد يقومون بنصح زائدي الوزن في كيفية السيطرة على أوزانهم. p> 

 ليس هذا فقط، بل تجدهم يقدمون التفسيرات الطبية والعلمية لهذه النصائح. وزاد الطين بلة عندما قام بعض هؤلاء الفنانين والفنانات في هوليوود عاصمة السينما في العالم بتأليف كتب تحتوي على أنظمة غذائية متكاملة ومعها أقراص مدمجة للكومبيوتر وشرائط فيديو للتدريبات الرياضية التي تحمل أسمائهم أيضا. ويضاف إلى ذلك ظهور منتجات غذائية تحمل اسم هذا النجم أو ذاك في محاولة لاستثمار شهرتهم وانتشار أخبار انخفاض أوزانهم.        

 

أحد أطباء التغذية في أمريكا عبر عن رفضه لهذه الظاهرة بقوله : “يستطيع النجوم أن يرقصوا ويغنوا ويمثلوا بطريقة جيدة ولكن يجب أن يتركوا العلاج الغذائي للأطباء.  إن “سوزان سومرز”، و”ماريلو هينر”، و”سيلفستر ستالوني” وعديد من النجوم في السينما العالمية أصبح لهم برامج غذائية متكاملة مع كتاب وقرص مدمج ومنتجات غذائية عديدة مرتبطة بهم وبالرامج الغذائية التي تحمل أسمائهم، وحتى هؤلاء النجوم الذين لم يضعوا كتبا في الريجيم تجدهم خطباء مفوهين في الدفاع عن أحدث وآخر أنواع الريجيم”.

 

ولكن هل لأن هؤلاء النجوم يعرفون كيف يمثلون أو يرقصون أو يغنون أو يلبسون ثيابا فاخرة يمشون بها على الأبسطة الحمراء في المهرجانات والحفلات، يمكنهم أن يكونوا خبراء في التغذية ؟ يقول أجد خبراء التغذية : “أن مجرد كون أحدهم نجما لا يعني بالضرورة أن يتحدث عن التغذية والصحة. قد يكون مقبولا من النجم أن يعطي نصائح في الفن الذي يتقنه، ولكن نصيحة في التغذية يجب أن تأتي من طبيب أو اخصائي في التغذية. ونحن ننصح كل من يريد شراء كتاب في التغذية أن ينظر الى مؤهلات المؤلف  الذي يجب أن يكون طبيبا أو متخصصا في التغذية، وحتى لو كان يحمل درجة الدكتوراة فيجب البحث عن نوع الدراسة التي قادت اليها، فقد تكون الدرجة في التاريخ مثلا ولا علاقة لها بالصحة أو التغذية. كما يجب أن يكون للمؤلف خبرة اكلينيكية، وأن يكون قد تعامل مع حالات مرضية حقيقية”. ومؤلفات النجوم تميل الى تحقيق نتائج سريعة ولكنها صعبة التنفيذ كما أنها يمكن أن تكون خطرة وضارة بالصحة.

 

احدي النجمات المصريات عولجت في مصحة في ريف انجلترا حيث وقعت على اقرار بعدم تركها للمصحة أثناء العلاج الذي كان بالطبع قاسيا، ولما عادت الى مصر وقد ظهر عليها آثار فقد الوزن كانت اجابتها “البريئة” على كيفية سيطرتها على الوضع وفقدها لوزنها الزائد :”لقد كنت أشرب كوبا من الماء الساخن في الصباح”، وبالطبع هذه معلومة “فولكلورية” خاطئة، اذ أن الماء البارد هو الذي يستهلك سعرات حرارية يبذلها الجسد لرفع درجة حرارة الماء حتى تصل الى درجة حرارة الجسم. ولم تذكر النجمة شيئا عن المصحة الانجليزية، كما لم تذكر أن استمرارها في الحفاظ على وزنها الجديد يتكلف ثقل وزنها القديم من المال، حيث يقوم أحد المطاعم الفاخرة بامدادها بالثلاث وجبات التي يتم اعدادها بطريقة خاصة، ومن مواد غذائية غالية الثمن بالطبع لايستطيع المواطن العادي الذي يشاهدها في التليفزيون أو يقرأ عنها في الصحف أن يحصل عليها أو يجاريها.  ثم يذهب المشاهد الى الطبيب لكي يجادله بل ويغيظه بالمعلومات المستحدثة التي استفاضت النجمة في الترويح لها.

 

ويقول أطباء التغذية أنهم يرفعون الراية الحمراء ضد وصفات النجوم الغذائية لأنها مكلفة وغالية الثمن، أو لأنها غير موجودة في السوق المحلية في الأصل. كما أن هؤلاء النجوم لايقولون الحقيقة كلها، فهم لا يريدون الاقرار بدخولهم مصحات غالية الثمن ويكتفون بذكر أنصاف الحقائق. ويدخل في القصة بالطبع الاعلان عن شخص يعرفه النجم يعالج السمنة والوزن الزائد ويفيض عليه بالثناء وعلى قدرته في القيام بمعجزات  في مجال التخسيس يرفضها العقل والمنطق السليم.

 

وفي أحد البرامج التليفزيونية في مصر ظهرت راقصة مخضرمة ممتلئة الوزن جدا  وقالت بابتسامة عريضة أنها تفقد أسبوعيا 4 كيلوجرامات من الوزن مع أنها تأكل كل شيء، والفضل في ذلك لعلاج الدكتور “…….” وفي هذا التصريح استخفاف بعقل المشاهد بالطبع، وربما تحطيما لمعنوياته ذلك لأن فقد 4 كيلوجرامات أسبوعيا وباستمرار هو كلام غير علمي وغير مقبول طبيا. ولم تفسر الراقصة “الكبيرة” سبب استمرارها في سمنتها الواضحة بالرغم من هذا النزول الاسطوري في وزنها كل أسبوع.

 

والمواطن العادي الذي لا يحصل على دخل يوازي دخل النجم، والذي لا يستثمر رشاقته وجماله في عمله مثلما يفعل النجم لا يستطيع أن يحصل على طباخ خاص وأغذية خاصة بالريجيم مثلما يفعل النجم. وحيث أن النجم لن يخبر أحدا عن الأسباب الحقيقية التي أدت لفقده الوزن فان المشاهد والمتابع المسكين سيظل يشرب الماء الساخن كل صباح أملا في فقد وزنه الزائد مثلما فعلت الفنانة فلانة أو الفنان علان بدون جدوى بالطبع. ان كل ما يحتاجه الانسان العادي هو نظام غذائي صحي حقيقي ونصائح طبية حقيقية تقود الى فقد منطقي في الوزن حدده الأطباء المتخصصون بحوالي نصف كيلوجرام اسبوعيا في المتوسط، وهذا العلاج المنتظم لا يمكن أن يقوم بها هذا النجم أو تلك الفنانة.

 

وأحيانا يتبنى الفنان أو الفنانة نظام تخسيس غير صحي مثل تناول نوع واحد من الغذاء سواء من البروتينات أو المواد النشوية أو الدهون، وهذا يؤدي الى تدهور خطير في الصحة على المدى الطويل، فيظهر الواحد منهم مبشرا بهذا الغذاء المثير الذي يؤدي الى فقد الوزن بدون خلفية علمية أو طبية ولا يساند كلامه الا ابتسامة المذيعة الزائفة التي تصفق لنجاح النجمة في فقد وزنها الزائد. والعلم والطب يؤكدان أنه لا يوجد غذاء معجزي يستطيع وحده خفض الوزن عدة كيلوجرامات دفعة واحدة مثلما يدعي البعض. وبعض الناس ينجذبون لنظام غذائي معين ليس لفائدته، ولكن لشكل الشخص الذي يدعو اليه. النجمة “سوزان سومرز” هي امرأة متقدمة في العمر ولكنها تبدو جميلة، لهذا ينجذب الناس لما تدعو اليه ليس لقيمته بل انبهارا بشكلها بصفة شخصية كما يقول أحد الأطباء الأمريكين الذين يهاجمون ظاهرة ريجيم النجوم.

 

وعندما تعرضت “سوزان سومرز” للهجوم من قبل أطباء التغذية سارعت الى الرد بأنها قبل كتابة كتابها الأول عن التخسيس راجعت مائة من خبراء التغذية و أدهشها بل وصدمها عدم اتفاقهم على أي شيء. ولاحظت “سوزان”  أن الخبراء يتخذون مسارا محددا في طريقة تفكيرهم وذلك بعدم الاكثار في الكميات، مع الاقلال من الدهون. وتقول “سوزان” أن علم التغذية هو علم غير محدد ( ؟ )، لذا فقد التجأت الى أطباء الغدد لكي تفهم منهم تأثير الانسولين في عملية زيادة وخفض الوزن، وهي لهذا تعتقد أن برنامجها يعتمد على العلم ورأي الأطباء. وتزيد “سوزان” على كل ماقالت بالتهجم على الأطباء عموما حيث تقول أن الكل يعرفون أن الأطباء يفتقدون الى المعرفة في علم التغذية، وهذا في رأيها هو سبب المشكلة. وهي تعتقد أنها بتدخلها في هذا الموضوع كانسانة عادية تضع خبراتها الشخصية المعتمدة على العلم لحل المشكلة، معتمدة على النصح بأكل الطعام الحقيقي حتى ذلك المحتوي على النشويات المعقدة وتجنب الكيماويات والمواد الحافظة. وتعتقد “سوزان” أن فهم كيمياء الجسم هو أهم نقطة في عملية فقد الوزن وهذه لا تحتاج الى الطب والأطباء. وتقول “سوزان” أن براعتها في الطهي الشهي هي جانب هام في نجاح برنامجها الغذائي للتخسيس.

 

ولكن أحد خبراء التغذية وهو المسئول عن وضع النظم الغذائية لكثير من المشاهير في السينما الأمريكية يقول أن الفنانين هم أناس عاديون في نهاية الأمر، والمهم في قضية الوزن الصحي هي في أكل كميات مناسبة من كل أنواع الطعام، بدون التركيز على السكريات والدهون. وينبه الى أن الضغوط العملية التي تقع على كاهل الفنانين تجعلهم يلتزمون بأي نظام غذائي يساعدهم على الاستمرار في وزن مثالي حتي لا يفقدوا مصدر دخلهم المرتفع، وبالتالي فان حافزهم لفقد الوزن أكبر من حافز الشخص العادي الذي يتطلع فقط للرشاقة كمطلب جانبي.

 

ويقرر الرأي الطبي السليم أن المطلوب من الشخص العادي هو تناول كميات مناسبة من كل أنواع الأغذية الطبيعية بدون رفض لأي نوع منها. (http://www.emadsobhi.com/viewtopic.php?t=7). مع الاهتمام باستشارة الأطباء وخبراء التغذية بدلا من تلقي النصائح الغذائية من أناس كل خبرتهم في فن التمثيل والرقص.

نجوم السينما ينافسون أطباء التغذية