الشعر الزائد غير المرغوب فيه مشكلة تؤرق نسبة كبيرة من النساء قد تصل الى 10 % من بنات حواء ، وبالأخص النساء اللواتي يعانين من مرض “تكيس المبايض المتعدد” وزيادة الوزن المفرطة . وتعاني نساء أوربا من هذه المشكلة أكثر من النساء المنحدرات من أصل أفريقي ، بينما تكون النسبة أقل في نساء آسيا. وكثير من النساء اللواتي يعانين من مشكلة الشعر الزائد قد يكون لديهن أيضا مشاكل مرتبطة بالدورة الشهرية قد تصل الى العقم وعدم القدرة على الانجاب . p> 

ويعتبر ظهور الشعر في أماكن غير مرغوب فيها من الأمور المؤلمة نفسيا للنساء ، حيث أن ملامح الجمال النسائي دائما ما يكون من بينها الجلد الناعم الخالي من الشعر ، وذلك حسب التعريف المتفق عليه شرقا وغربا . وبالرغم من أن هناك كثير من الثقافات والأفراد الذين لا يتفقون مع هذه الفكرة عن الجمال ، لكن وسائل الاعلام والاعلان في العالم كله لا تتوقف عن دك أفكار النساء بصورة المرأة التي لا ينمو لديها أي شعر الا على قمة رأسها فقط . وهكذا تصبح المرأة التي تعاني من نمو الشعر في مناطق غير مرغوب فيها فريسة للألم والتدمير النفسي ، كما أنها تكون تحت ضغوط نفسية شديدة عندما تنفق وقتا ومالا كثيرا للتخلص من هذا الشعر الزائد ، الذي ما أن تتخلص منه حتى يعود بصورة أكثر عنادا وارهاقا.

 

ولكن ما الذي يؤدي الى ظهور هذا الشعر الزائد ؟ ان هناك عديد من العوامل المتداخلة : منها العوامل الهورمونية والوراثية وأسلوب الحياة .. كلها تتجمع لكي تحدد كمية الشعر الزائد وأماكن نموها .. ومعروف علميا أن الشعر الزائد غالبا ما يظهر نتيجة لارتفاع معدلات الهورمونات الأندروجينية (الذكورية) مثل التستوستيرون ، والأندروستينيديون ، وهورمون DHEA . والتستوستيرون هو الهورمون الرئيسي الذي يهمنا في هذا المجال . ومن الطبيعي أن الرجال لديهم مستويات عالية من التستوستيرون بينما تكون النسبة لدي النساء قليلة ، وعندما تزيد هذه النسبة لدي المرأة زيادة كبيرة فان الشعر الزائد يبدأ في الظهور ، بينما تؤدي زيادة نسبة هذا الهورمون في الرجال الى حدوث مشاكل في البروستاتا.

وقد يحدث في بعض الحالات أن يظهر الشعر الزائد عند بعض النساء حتى مع وجود الهورمونات الذكورية بنسب طبيعية وذلك عندما يكون الجسد حساسا بصورة أكثر من اللازم لهذه الهورمونات ، وفي هذه الحالة تسمي الحالة “الشعر الزائد مجهول الأسباب”. والجينات هي عامل متداخل في ظهور الشعر الزائد ، ذلك أن الاستعداد الجيني يمكن أن يقود عملية التمثيل الحيوي في الجسم الى تخليق ظروف ملائمة لنمو الشعر غير المرغوب فيه . وعلى العموم فان ما تأكله المرأة والتمرينات الرياضية التي تقوم بها والنوم الذي يرتاح به جسدها ، والطريقة التي تتحكم بها في الضغوط النفسية ، وأيضا عوامل التلوث التي تتعرض لها .. هذه كلها عوامل تؤثر بصورة مباشرة على ما تقوم به الجينات في الجسد . وهكذا فانه يمكن التحكم في الشعر الزائد بصورة جزئية عن طريق التحكم في نوع الغذاء والتمرينات والنوم والبعد عن الملوثات .

 

كيف تؤدي السمنة الى ظهور الشعر الزائد ؟

في حالات زيادة الوزن يتراكم الدهن في أنسجة الجسم ، فتنخفض حساسية هذه الأنسجة لهورمون الانسولين ، مما يؤدي بالبنكرياس الى زيادة كمية هذا الهورمون ، وتقود هذه الزيادة الى الاحساس بالجوع مما يستدعي المزيد من الأكل وبالتالي الى مزيد من السمنة ، كما أن هذه الزيادة في هورمون الانسولين تؤدي الى استثارة المبيضين للقيام بافراز كمية كبيرة من الهورمونات الأندروجينية “الذكورية” مما يؤدي الى ظهور الشعر الزائد في مناطق غير مرغوب فيها ، وفي هذه الحالة تظهر بالمبيضين أكياس صغيرة متعددة ، وتعرف هذه الحالة باسم “تكيس المبايض المتعدد” ، وتقود زيادة هذه الهورمونات الى اضطراب الدورة الشهرية والى العقم المؤقت الذي يمكن علاجه بزوال أسباب تكونه ، وأولها خفض الوزن والتقليل من تناول الأغذية الكربوهيدراتية مثل السكريات والنشويات .

 

علاج الشعر الزائد

يمكن علاج هذه الحالة بصورة مؤقتة عن طريق ازالة الشعر الزائد بوسائل تعرفها معظم السيدات، كما توجد بعض الكريمات وأنواع الغسول التي تعمل كيميائيا على اذابة الشعر ، ولكنها قد تؤدي الى حساسية الجلد . ويمكن ازالة الشعر الزائد باستعمال التحليل الكهربي لجذور الشعر حيث يتم تدمير حويصلة الشعر بالكامل وهذا العلاج يتم في عيادة طبيب الجلد، وتعتمد نسبة نجاح هذه الطريقة على نوع الجلد والشعر . ولا تخلو أي من طرق التخلص من الشعر الزائد من المخاطر بنسبة 100 % ، كما أن استمرار النتائج لفترة طوية غير مضمون أيضا ، فهناك مخاطر العدوي والتدمير الجزئي للجلد المحيط ببصيلة الشعر .

 

ازالة الشعر بالليزر

وأحدث طرق ازالة الشعر تستخدم الليزر في هذه المهمة ، والليزر المستخدم هو ضوء بمواصفات معينة وفي طول موجي محدد ، ويمتص الشعر الأسود هذا الليزر دون أن يؤثر على أي مكون آخر للجلد ، وهذه صفة من صفات الليزر حيث أن لكل نوع من أنواع الليزر لون معين فقط يمتصه ويتأثر به ، وهكذا يتم تدمير بويصلات الشعر ، ولكن يجب مراعاة أن الشعر حديث النمو والذي يتسم بلون أشقر ولم يتحول بعد للأسود لا يتأثر بهذا الليزر ، ومن ثم ينمو فيختلط الأمر على البعض معتقدين أن الليزر لم يقض على الشعر ، والصحيح أنه يقضي على الشعر الأسود كامل النمو ، أما الشعر الأشقر في طور النمو فانه لا يتأثر ، لذا يجب أن يتم العلاج في جلسات متكررة حتى يتم التأكد من التخلص من الشعر الزائد بالكامل بعد تحول الشعر الأشقر الحديث الى شعر أسود كامل النمو . وللتخلص من الشعر بالليزر محاذيره اذ يجب ألا يستعمل مع ذوات الجلد الداكن حيث أنه سيؤثر على الجلد نفسه لوجود صبغات سمراء اللون تمتص الليزر بجانب بويصلات الشعر ، كما يجب ألا يستعمل مع ذوات الشعر غير الأسود الذي لن يتأثر بالعلاج .

 

علاج الشعر الزائد بالأدوية
ينصح الطبيب ببعض الأدوية التي تؤثر في الهورمونات الأندروجينية لدى المرأة مثل مثبطات مستقبلات الأندروجين ، والأدوية التي تقلل من افراز هذه الهورمونات . وتعمل هذه الأدوية على تقليل الشعر الزائد وان كانت لا تخلو من الأعراض الجانبية ، مثل حدوث خلل في وظائف الكبد حيث أنه العضو الذي يتعامل مع هذه الأدوية . وفي بعض الحالات تحقق كثير من النجاح باستخدام أدوية تزيد من حساسية أنسجة الجسم للتعامل مع الانسولين وبالتالي الى خفض الانسولين الذي يفرزه البنكرياس ، مما يؤدي الى انخفاض في الهورمونات الأندروجينية ، ومثال ذلك دواء الميتفورمين (سيدوفاج أو جلوكوفاج) الذي يستعمل أيضا في علاج مرض السكر عند البالغين .

علاج الشعر الزائد بالوسائل الطبيعية:

ان الغذاء الصحي السليم ، وتناول المكملات الغذائية الضرورية ، وممارسة التمرينات الرياضية ، والسيطرة على الضغوط النفسية ، والرعاية الصحية الجيدة لها تأثير مفيد جدا على حالات تكيس المبايض ونمو الشعر الزائد . وهذا الخطوات الهامة تهدف الى خفض الزيادة في هورمون الانسولين الذي يتسبب في زيادة انتاج الهورمونات الأندروجينية (الذكورية) وبالتالي الى ظهور الشعر الزائد ، كما تهدف هذه التغيرات في اسلوب الحياة الى المساعدة في استعادة الدورة الشهرية الطبيعية مما يستتبع عودة الخصوبة وعلاج بعض حالات العقم الناتجة عن هذه الحالة . ومن المهم الاشارة الى أن هذا الأسلوب العلاجي يساعد أيضا في الوقاية من الاصابة بمرض السكر عند البالغين وأيضا أمراض القلب .

 

• الغذاء الصحي السليم :
يمكن تحسين نوعية الغذاء عن طريق اختيار نوعيات وكميات الدهون والزيوت . وبالنسبة للمرأة زائدة الوزن يجب عليها أن يكون استهلاكها من الدهون أقل من 25 % من مجموع السعرات التي يجب تناولها يوميا . ومن الاختيارات الجيدة بالنسبة للزيوت زيت الزيتون وزيت السمك ، اذ يجب زيادة كمية الدهون المحتوية على أوميجا -3 وهي من الأحماض الدهنية الأساسية ، وهي موجودة في زيت كبد الحوت وفي الأسماك الدهنية مثل السالمون والسردين والماكريل . كما يجب التوقف عن تناول الزيوت المهدرحة مثل أنواع السمن الصناعي أو النباتي حيث يتم تحويل الزيوت السائلة غير المشبعة الى زيوت مشبعة في صورة صلبة ، ومن أمثلتها المارجرين ، وهذه تساعد على ظهور أمراض القلب والسكر ، كما يمكن أن تساعد في ظهور حالات تكيس المبايض ومن ثم ظهور الشعر الزائد.

والاكثار من تناول البروتين الحيواني يمكن أن يكون مشكلة صحية مؤثرة في الحالة حيث أن اللحوم تحتوي على دهون مشبعة ضارة ، يمكن أن يكون لها صلة بالتوازن الهورموني في الجسم . ويمكن استبدال هذه البروتينات الحيوانية بالأسماك التي تحتوي على نسب قليلة من الدهون المشبعة ، وأيضا الدواجن وبعض أنواع الجبن قليل الدسم ، والبروتينات النباتية مثل الصويا والبقول وهي خالية من الدهون المشبعة وتصلح كبديل مقبول للبروتينات الحيوانية بالاضافة للأسماك والدواجن .

 

والكربوهيدرات مثل النشويات والسكريات لها علاقة مباشرة بالحالة ، حيث أن تناولها يزيد من افراز الانسولين الذي تتسبب في اضطراب الهورمونات الأندروجينية . وتناول أغذية عالية المحتوي من المواد الكربوهيدراتية النقية سيقود الى هذا الاضطراب الذي ينتج عنه الشعر الزائد ، ومثال ذلك السكر والمشروبات المحلاة والغازية والحلويات بأنواعها . ان تناول الخضروات والفواكه والمكسرات والحبوب والبذور في صورتها الطبيعية لن تؤدي الى زيادة كبيرة في مستوى السكر في الدم وبالتالي لن تؤدي الى زيادة افراز الانسولين بنسبة كبيرة ، حتى مع احتوائها على النشويات والسكريات ، حيث أن مؤشرها السكري منخفض . لذا يجب تناول الخبز الأسمر بديلا عن الأبيض ، وتناول الأرز الأسمر ، كما يجب الابتعاد عن المأكولات المصنعة كلما كان ذلك ممكنا مع الالتزام بالأغذية في صورتها الطبيعية قدر الامكان مثل تناول الخضروات والفواكه الطازجة وشرب الماء بديلا عن العصائر والمشروبات المحلاة . ومن المهم الاشارة الى أن الدراسات أثبتت أن مكونات الشاي الأخضر يمكن أن تقلل من تأثيرات هورمون الذكورة “التستوستيرون” لذا ينصح بتناول هذا الشاي في حالات الشعر الزائد . ولقد وجد أن ما مقداره نصف ملعقة صغيرة من القرفة مع كل وجبة يساعد على ضبط مستوى الانسولين وسكر الدم ، حيث تؤدي القرفة الى تحسين استهلاك الخلايا للجلوكوز وزيادة حساسية مستقبلات الانسولين ، وهذا بالقطع يساعد في علاج حالات الارتباك الهورموني التي تؤدي الى ظهور الشعر الزائد .

 

والحديث عن مكونات الغذاء الصحي الذي يساعد في علاج حالات نمو الشعر الزائد لا ينسينا الحديث عن كميات هذا الغذاء . ان تناول سعرات حرارية قليلة في الغذاء يؤدي الى انخفاض مستوى هورمون الانسولين ، والى زيادة البروتين المسمى جلوبين والذي يتحد مع هورمون التستوستيرون مما يؤدي الى تحسن الحالة . وفي دراسة عن استعمال غذاء قليل السعرات وقليل الدهون لوحظ أن 40% من السيدات السمينات اللواتي فقدن 5% من أوزانهن على الأقل قد قلت عندهم مشاكل الشعر الزائد ، لكن يجب الحرص على أن يتم التحكم في نوع وكمية الغذاء بمساعدة طبيب متخصص حتى لا يقع المرء في مشاكل سوء التغذية .

 

وهناك أنواع من الفيتامينات والمعادن التي يمكن أن تكون ذات فائدة في العودة بمستويات الانسولين والأندروجينات الى معدلاتها الطبيعية ، مع التقليل من تأثيرات هورمون التستوستيرون عند السيدات مثل الكروميوم ، وفيتامين هـ E والمغنسيوم والزنك والنحاس وفيتامين ب6 B6.

 

• التمرينات الرياضية :
تشكل التمرينات المنتظمة جانبا هاما في أي برنامج لعلاج الشعر الزائد والسمنة ومقاومة الجسم للانسولين وكل المشاكل المتعلقة بالحالة . وأي نوع من التمرينات البدنية مفيد ، حيث أظهرت دراسة حديثة أن ممارسة رياضة الايروبكس لمدة نصف ساعة وذلك خمس مرات اسبوعيا يمكن أن يزيد من حساسية الجسم للانسولين وبالتالي الى تحسن حالة الشعر الزائد .

 

وهكذا يمكن علاج مشكلة الشعر الزائد واضطراب الهورمونات المسبب لها بخفض الوزن والعودة الى الطبيعة في الغذاء ، مع ممارسة الرياضة ، وتناول الفيتامينات والمعادن ، والحرص على استشارة الطبيب بالطبع حتى يتم وضع برنامج فعال للقضاء على هذه الحالة المرضية التي تسبب ألما نفسيا كبيرا

علاج الشعر الزائد في النساء بخفض الوزن والرياضة