في موسم المذاكرة والاستعداد للامتحانات تفعل الأمهات الممكن وغير الممكن في سبيل مساعدة فلذات الأكباد .. توصيل الأبناء لأماكن الدروس .. وتهيئة مكان المذاكرة من هدوء وإضاءة مناسبة .. وخدمة خمسة نجوم في كل ما يحتاجه الأبناء .. وبذل كل الجهد لكي يزداد تركيزهم .. وتتساءل الأم كيف السبيل الى مساعدة الأبناء في تذكر كل هذا الكم الهائل من الدروس والكتب .. وهل سيتذكرون هذه الأكوام من الأوراق في ساعة الامتحان ؟ .. بالفعل تمتلك الأم وسائل فعالة لمساعدة الأبناء المطحونين بين نظم التعليم المضطربة ، والمنافسة الشديدة مع الزملاء ، وطموح الآباء والأمهات في تحقيق نتائج طيبة تضمن لهم أماكن في المقدمة .. هذه الوسائل تعرفها كل الأمهات وان غابت بعض تفاصيلها .. والمكان هو المطبخ ! p> 

الطعام يمكن أن يكون هو الطريق للوصول الى قوة الذاكرة وصحة العقل ، ونحن نعرف أن الطعام يؤثر على الجسد ، ولكنه يكون أكثر تأثيرا على عمل المخ وقوته وطاقته وكيفية تفاعله من الواجبات الملقاة عليه . وإذا كان الأبناء قد قاموا بواجبهم في الاستذكار ومراجعة الدروس ، فان دور الأم في مساندة الذاكرة وتقويتها وتثبيت معلوماتها وقدرتها على الاسترجاع يظل هو العامل الحاسم .

 

إن المزاج والحافز وأداء العقل يمكن أن تتأثر بقوة بنوع الغذاء وكميته . والمخ هو عضو فعال جدا من حيث تمثيله للغذاء ، فهو نهم جدا ويلتقط الطعام بسرعة ، وهكذا فان الطعام المناسب واحتوائه على كيماويات عصبية يمكن أن يؤثر على الامكانيات العقلية ، فيساعد على التركيز ، ويضبط المهارات الحسية العضلية ، ويجعل العقل متحفزا ، ويعظم الذاكرة ، ويسرع من سرعة رد الفعل ويقلل من الضغوط النفسية ويصل الى حد الوقاية من آثار شيخوخة المخ وتدهور وظائفه .

 

والإهتمام بالطعام – ليس فقط في أيام الدراسة والامتحانات بل في كل الأوقات – هو السند الفعال والحليف المخلص لقدرات العقل والذكاء والذاكرة . والمخ يتأثر إيجابيا بمحتويات الغذاء من الدهون المفيدة والكربوهيدرات والعصائر والفيتامينات . وبالطبع ينطبق هذا الكلام أيضا على كل الأعمار وبالأكثر المسنين الذين يحتاجون الى حفز قواهم العقلية وتحسين ذاكراتهم أيضا.

 

أوميجا 3 والمعجنات والفواكه والخضروات
والبداية بالدهون ، التي نعرف أن منها ما يضر بالقلب ويزيد من معدلات الإصابة بالسرطان ، وهي أيضا سبب هام للاصابة بالاكتئاب والعنف ، ولكن منها أنواع مفيدة ومهمة للجسم بصفة عامة والعقل والذاكرة بصفة خاصة .. وصحة المخ تعتمد أساسا على نوع معين الدهن وأيضا كميته نقصا أو زيادة ، حيث أن الأداء العقلي يتطلب نوعا محددا من الدهون وهو المعروف بأحماض أوميجا 3 الدهنية ، ويوجد بصفة عامة في الأسماك وبخاصة الدهنية مثل السلمون والسردين والتونة . ولكن يجب ملاحظة أنه حتى الدهون المسموح بها وفي كميات مناسبة قد تكون مؤثرة بالسلب على الذكاء ، فقد تكون غير ضارة بالقلب ولكنها ضارة بالمخ حيث أنها تتنافس مع الدهون المفيدة للمخ فتمنع المخ من الاستفادة بها .

 

والأوميجا 3 مكون أساسي للغشاء الخارجي لخلايا المخ ، ومن خلال هذا الغشاء الغني بالدهن تنتقل الإشارات العصبية ، وبالإضافة الى ذلك فان التعلم والتذكر يؤدي الى ظهور وصلات جديدة بين الخلايا العصبية ، وهذه تحتاج الى أغشية جديدة لتغليفها من الأوميجا 3 . وكل أغشية خلايا المخ تحتاج الى تنشيط نفسها بكميات جديدة من الأحماض الدهنية ، وهكذا يكون الأوميجا 3 مناسب تماما لعمليات المخ الجيدة .

 

ولقد وجد العلماء أن استخدام كميات كبيرة من الدهون المشبعة مثل السمن والزبد يمنع الإنسان من تناول كميات مناسبة من الأوميجا 3 ، كما أن استخدام الزيوت غير المشبعة بكثرة في الطبخ والقلي يجعل الجسم يعاني من قلة الأوميجا 3 حيث أنها لا تحتوي عليه بأية كمية ، بل إنها مثقلة بالأوميجا 6 وهي تخل بالتوازن المطلوب لنسبة الأوميجا 3 في الجسم . وللحصول على هذا التوازن ينصح باستخدام زيت الكانولا وزيت عين الجمل ، وبالطبع زيت السمك وهو غني بالأوميجا 3 .

 

ولزيادة الانتباه وتقوية الذاكرة ومقاومة الضغوط النفسية يمكن أيضا تناول مادة الكولين وهي مادة دهنية من عائلة فيتامين ب موجودة في البيض . ولقد ثبت أنها تحسن الذاكرة وسرعة رد الفعل حتى مع المتقدمين في السن ، كما أنها تقلل من الاحساس بالتعب .

 

والمعجنات مثل المكرونة تزيد من إفراز مادة السيروتونين الذي يساعد على تحسين الذاكرة والتفكير السريع والقدرة على التركيز .كما أثبتت بعض الدراسات أن تناول المواد الكربوهيدراتية (النشوية ) بدون بروتين أو دهون يمكن أن يمنح العقل بعض الهدوء والراحة . ووجدت دراسات أخرى أن العصائر السكرية تساعد على وضوح الأفكار ، بالرغم من عدم تحديد الدراسات للكمية المناسبة للسكر ووقتها المناسب ، كما أظهرت دراسات أجرتها جامعة طوكيو أن خلاصة الثوم يمكن أن تؤثر على الذاكرة بالايجاب بالاضافة الى تأثيرها على إطالة العمر أيضا.

 

ومما يساعد الذاكرة أيضا تناول المعادن مثل الصبورون الموجود في التفاح والخوج والكمثرى والبقول والعدس والمكسرات والأوراق الخضراء ، وهو يحسن الانتباه والقدرة على التعلم . والمغنيسيوم الموجود في القمح الكامل واللوز والكاجو والأوراق الخضراء يساعد على جريان الدم في المخ مما يساند القدرات العقلية ، ومثله أيضا الزنك الموجود في المحاريات والفاصوليا والبسلة والأجزاء السفلية من الرومي وهو يساعد على تذكر الكلمات والنماذج البصرية .

 

فيتامينات ب B ، هـ E ، ج C
الفيتامينات هي مواد يحتاجها الجسم بكميات صغيرة ولا يمكن إنتاجها داخليا ولكن يجب الحصول عليها من خارج الجسم ، وبعض الفيتامينات مثل الثيامين ( فيتامين ب 1 ) وفيتامين ج ضرورية للحياة ، بينما الباقي من الفيتامينات ضروري للحفاظ على الصحة الجيدة ، والغذاء المتنوازن يجب أن يحتوي على المتطلبات اليومية من كل الفيتامينات .

• فيتامين ب : فيتامين ب 1 أو الثيامين يوجد في الحبوب الكاملة والخبز والفاصوليا الجافة ، والبسلة الجافة والفول السوداني والبيض ومعظم الخضروات والكبد ، وبدونه يصاب الإنسان بالاكتئاب والتعب والأرق . وفيتامين ب 2 أو المياسين يحسن الذاكرة ويقلل من كوليسترول الدم ويجد في سمك السالمون والفول السوداني والدجاج والكبد . وهناك فيتامين ب 6 أيضا ويسمى بيريدوكسين وهو الذي ينتج الموصلات العصبية ويوجد في الحبوب الكاملة وبذور عباد الشمس والخميرة واللحم ومعظم الخضروات . وفيتامين ب 12 وهو ينتج مادة أسيتيل كولين وهي مادة موصلة عصبية يحتاجها المخ في تحسين الذاكرة ويوجد في منتجات الألبان واللحم والسمك .
• فيتامين ج (حمض الأسكوربيك) : وهو مضاد للأكسدة ويوجد في معظم الخضروات والموالح والفلفل الأحمر والأخضر ، وبدونه تحدث مشاكل للذاكرة وعدم الانتباه والتعب .
• فيتامين هـ E ، وهو مضاد للأكسدة ، ويقي الإصابة بأمراض القلب والألزهايمر ، ويوجد في الأوراق الخضراء والزيوت النباتية والبيض وجنين القمح .
• حمض الفوليك : وينتج الكاتيكولامين وهو من الموصلات العصبية ، ويوجد في الحبوب الكاملة ، واللوبيا والبروكلي ، وبدونه يصاب الإنسان بالقلق والاكتئاب وعدم التركيز ، ويقلل من احتمال قلة التركيز والتفكير غير الواضح .

 

ومن الطريف أن بعض الدراسات أثبتت أن التوابل الحريفة مثل الفلفل (الشطة) لها تأثير على زيادة اليقظة والوعي والتركيز ، مما يذكرنا بمداعبات الصغار في ربط الشطارة بالشط ، ولو أن هذا لا ينطبق مع ربط البلادة بالبليلة كما تقول ذات الدعابة ، فهي مفيدة أيضا في تنمية الذاكرة والتركيز .

ويجب الانتباه الى أهمية الماء للجسم عموما وللمخ بصفة خاصة ، ذلك أن قلة الماء يمكن أن تسبب الارتباك وخلل الذاكرة ، حيث أن قلة الماء تسبب انخفاض في حجم الدم مما يقلل من وصول المواد المغذية الى المخ .

 

المشي يساعد الذاكرة
وكما أن الرياضة تساعد الجسم على الاحتفاظ بلياقته ، فإنها أيضا تساعد المخ على الحفاظ على لياقته أيضا ، إذ أثبتت الدراسات التي أجريت في جامعة كاليفورنيا أن السيدات المسنات اللاتي مارسن رياضة المشي تمتعن بذاكرة أفضل من نظيراتهم ممن لم يمارسن الرياضة .

 

خلاصة القول أن تناول أطعمة مثل البيض على الإفطار ، والأسماك (مثل شطيرة تونة على العشاء مع كوب من عصير البرتقال الطازج ) ، والمكرونة والخضروات والفواكه الغنية بفيتامينات ب ، ج ، هـ مع قليل من التريض في أوقات المذاكرة والامتحانات سوف يساعد بالقطع على تحسين الأداء العقلي والتذكر والانتباه واسترجاع الدروس التي قضى أولادنا شهورا طويلة في دراستها واستيعابها ، ولا مانع من استعمال بعض المكملات الغذائية والفيتامينات لكي تتحقق الفائدة والنجاح بإذن الله .

 

الذاكرة تتحسن في المطبخ!!