كان يحلو لمدرسنا أن يطرح علينا ونحن صغار سؤالا بدا محيرا لعقولنا الصغيرة . وكان السؤال هو: “هل نحن نعيش لنأكل ؟ أم نأكل لكي نعيش؟ “. وبعد تفكير عميق على قدر ما كانت تسمح به العقول الصغيرة كنا نتهافت لرفع أصابعنا للاجابة على السؤال.. طبعا نحن نأكل لكي نعيش. وكان المدرس يعقب على اجاباتنا “العبقرية” بأن الحيوانات فقط هي التي تعيش لكي تأكل، بينما نأكل نحن لكي نعيش حيث أن للحياة أسبابا أهم من الأكل.
|
وعن هذا السبب للحياة تمضي بنا السطور. قد ينشغل البعض بالحياة عن أسبابها، فيدور الانسان في حلقة مفرغة من العمل ومحاولة الحصول على رزق أسرته، ثم العمل على ضبط الميزانية بين الدخل القليل والمنصرف الكثير، ويحارب معاركه اليومية في صراع مع كل شيء.. العمل ورئيسه وزملائه وعملائه، وحروبه الصغيرة في الذهاب الى هذا العمل والاياب منه، وتلبية المطالب التي لا تنتهي في البيت حتي يحل وقت النوم أو الهدنة المؤقتة من تلك الحروب المتواصلة التي تنتهي باستيقاظ صباحي آخر على نفس المنوال المنهك. كما تنهمك ربة المنزل أيضا في صراعاتها المتعددة التي لا تنتهي سواء أكانت تعمل أم لا تعمل، فهي مطالبة بتحضير طعام الافطار ثم تجهيز الأطفال للمدرسة ثم ذهابها هي أيضا لعملها أو الى المطبخ والغسالة وترتيب البيت، ثم وجبة الغذاء وبعدها عودة الأطفال والزوج ومشاكسات المذاكرة، وذاكر ياولد.. ذاكري يا بنت.. ومراجعة دروس الرياضة واللغة العربية والجغرافيا والتاريخ والعلوم و.. و.. ومعارك جانبية بين الزوجين عن مصروف البيت الذي لا يكفي، وفلوس الدروس، هذا عن التوصيل الى مراكز الدروس الخصوصية التي يهرب منها الزوج الى القهوة لكي يدخن الشيشة ويلعب الطاولة مع أصحابه قبل عودته “مهدودا” في المساء لكي يحصل على هدنة الحياة المؤقتة.. النوم.
ولا يسأل الانسان نفسه وقتها عن السبب الذي يجعله يعيش هذه الحياة، وهل يوجد في حياته أمطارا تروي نفسه العطشي ؟ هل نفسه مليئة بالأمل والايمان ؟ وهل يوجد لديه سبب للحياة ؟ ثم يحدث أن تخفت سرعة دوران العجلة لأسباب منها انتهاء دراسة الأولاد بالتخرج، وقلة الانشغال بالعمل نتيجة عوامل كثيرة منها الظروف الاقتصادية والتقدم في السن وغير ذلك. وينتبه الانسان لنفسه.. هل يوجد سبب للحياة ؟ ولكم أن تتوقعوا معي اذا لم يكن في الحياة حب كيف ستكون الاجابة!