هناك نادرة ساخرة تحكى عن عفريت عجوز أصبح قليل النشاط لتقدمه في السن، حتى صار غير قادر على الحركة بدون مساعدة. ولأنه عفريت ووظيفته هي تخويف الناس، فقد اعتاد الجلوس على رصيف شارع مظلم في انتظار أي عابر سبيل ليقوم بتخويفه. وما أن يلمح العفريت العجوز من يدفعه سوء طالعه للمرور بالمنطقة التي يجلس فيها، حتى يبادره بالقول: “قومني يا بني علشان أخوفك!”
هذه القصة ليست للسخرية من التقدم في السن، لكنها للتفكير في أسباب قلة نشاط كبار السن، وهل هي بسبب عدم قدرتهم بالفعل على الحركة، أم بسبب استغلال كبر سنهم ومقامهم لطلب خدمات بسيطة لكن مهمة في مجال الحركة والنشاط. فالأب أو الجد – وأحيانا الزوج – الذي يجلس على الكنبة أمام التليفزيون، ثم يوميء للابن أو للبنت أو للزوجة وربما للحفيد طالبا منه: “هاتلي كوباية مية وحياة أبوك"، هل يضره أن يقوم هو ليجلب الماء لنفسه، أم سيفيده؟ والشخص الكسول عضو حزب الكنبة الشهير الذي يعطي الأوامر والنواهي بفعل هذا والامتناع عن ذاك، دون أن يحرك أكثر من أصبعه السبابة في اشاراته المتتالية هنا وهناك، هل سينقص له ضلعا لو تحرك من على كنبته الأثيرة، أم أنه سيستفيد من تحركه منشطا لعضلاته وقلبه ودورته الدموية؟
وجد العلماء أن هشاشة العظام تحدث مع التقدم في السن، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل تحدث هذه الهشاشة نتيجة التقدم في السن فقط، أم نتيجة قلة الحركة التي تميز كبار السن؟ ان مقاومة هشاشة العظام تكون بالحركة والرياضة، وتحريك العضلات فوق العظام مما يدفع بالكالسيوم (الموجب التأين) للدخول في العظام (سالبة التأين) نتيجة ضغط العضلات عليها (طبقا لظاهرة بيتزو الكهربية Pizzo Electric phenomenon ). إذن فكوب الماء الذي يأتي للجد أو الجدة أو الزوج وهو رابض على كنبته الأثيرة قد يكون هو السبب في الاصابة بمرض هو في غنى عنه لو تحرك وقضى حاجته بنفسه.
ليس هذا فقط، بل خذ أيضا زيادة الوزن، وترهل العضلات نتيجة عدم الحركة، ، وتصلب الشرايين، وضعف الدورة الدموية وعضلة القلب، نتيجة الكسل والاسترخاء دون القيام بمجهود وحركة.
تحركوا فالحركة بركة كما قال الأولون، أما أنت أيها العفريت العجوز فقم وانهض وأخف من تشاء من البشر دون أن تطلب مساعدتهم لكي تقوم وتخيفهم، أو اذهب واستلق على كنبتك ودعك من تخويف البشر كونك عفريتا أو عجوزا لا فرق، فلا العفاريت تخيف أحدا الآن، ولا العواجيز!