في عام 1793 تحطمت في البحر سفينة تحمل شحنة من السكر، وتمكن خمسة بحارة من النجاة، وتم انقاذهم بعد أن تقطعت بهم السبل لمدة 9 أيام. كانوا في حالة مزرية وعلى وشك الموت جوعا، اذ لم يتناولوا طوال هذه الأيام غير السكر ومشروب كحولي.
والهمت هذه الحادثة عالم وظائف الأعضاء الفرنسي الشهير ف ماجندي F. Magendie لإجراء سلسلة من التجارب على الحيوانات، نشر نتائجها في عام 1816. وفي هذه التجارب، تمت تغذية الكلاب بالسكر أو بزيت الزيتون والماء. كانت النتيجة أن كل الكلاب مرضت وماتت.
وهكذا أثبت بحارة السفينة المحطمة وكلاب العالم الفرنسي نفس النقطة. أن التغذية بالسكر أسوأ من أي شيء آخر. يمكن أن يبقيك الماء وحده على قيد الحياة وقتا طويلا، لكن الماء والسكر يمكن أن يقوداك لحتفك. فلا يمكن للبشر والحيوانات أن يعيشوا على غذاء من السكر. كانت كلاب العالم الفرنسي الميتة سببا في تعريض صناعة السكر للاستجواب العلمي. ومنذ ذلك اليوم، انفقت صناعة السكر العالمية ملايين الدولارات من تحت الطاولة لشراء ذمم بعض العلماء لتحسين صورتها. وتم استئجار مجموعة من أفضل العلماء الذين يمكن شراؤهم بالمال، على أمل أن يأتوا يوما ما بشيء من العلم الزائف على الأقل في طريق نشر صورة طيبة للسكر.
ومع ذلك فقد تم اثبات أن:
1. السكر عامل أساسي في تسوس الأسنان.
2. السكر في الغذاء يتسبب في الاصابة بالسمنة وزيادة الوزن.
3. التوقف عن استعمال السكر في الطعام يشفي من أعراض أمراض منتشرة بقوة في العالم مثل مرض السكر (السكري)، والسرطان وأمراض القلب.
ولقد لاحظ السير فريدرك بانتنج Sir Frederick Bantingالذي ساهم في اكتشاف هورمون الانسولين، بينما كان في بنما في عام 1929 بين أصحاب مزارع السكر، والذين كانوا يستهلكون كميات ضخمة من السكر المكرر، أن مرض السكر كان منتشرا بينهم بكثرة، بينما لم يكن المرض موجودا بين المزارعين المحليين الذين لم يتناولوا السكر بل كانوا يمصون أعواد القصب فقط.
ومع ذلك، فان قصة العلاقات العامة التي حاول صانعو السكر اطلاقها بدأت في بريطانيا في عام 1808 عندما أحاطت لجنة جزر الانديز الغربية مجلس العموم علما بأن جائزة تقدر بخمسة وعشرين جنيها سوف تقدم لأي شخص يمكن أن يقدم دليلا مقبولا يثبت أن السكر غير المكرر صالح لتغذية وتسمين الثيران والأبقار والخنازير والأغنام. إذ كان غذاء الحيوانات غالبا مرتبط بمواسم معينة، ودائما غال الثمن، بينما كان السكر، وقتذاك، رخيصا للغاية، وكان البشر لا يستهلكونه بما فيه الكفاية.
بالطبع، فإن محاولة تغذية الماشية بالسكر والمولاس في انجلترا في عام 1808 أدت الى كارثة. وعندما قدمت لجنة الانديز الغربية تقريرها الرابع لمجلس العموم، أفاد عضو بالبرلمان أنه حاول تقديم السكر والمولاس كغذاء للعجول دون نجاح. واقترح أنه يمكن المحاولة مرة أخرى عن طريق اضافة السكر والمولاس الى الحليب منزوع الدسم. ولم تنجح هذه المحاولات أيضا، وفشل تجار الانديز الغربية في ادخال السكر لتغذية الماشية.
وبحماسة قوية لزيادة الطلب في السوق لهذا المنتج الزراعي الهام لجزر الانديز الغربية، لجأت لجنة الانديز الغربية في استعمال تكتيك لم يفشل لمدة 200 عام: وذلك عن طريق استعمال شهادات آتية من بعيد غير متصلة بالموضوع، ومنسوبة لأشخاص لا يمكن الاتصال بهم، ولهم بعض المصداقية العلمية، ممن أطلق عليههم بعض المعلقين تسمية "الذمم المأجورة".
كانت لجنة مجلس العموم متصلبة للغاية مع قادة الرأي المحليين في مسألة السكر، لذا فقد لجأت لإقتباس قول لطبيب من فيلادلفيا النائية، وكان قائدا لتمرد أمريكي في وقتها، فنقلت عنه: "إن الدكتور رش العظيم من فيلادلفيا قرر أن السكر يحتوي على عناصر غذائية بحجم أي مادة غذائية أخرى معروفة". حدث ذلك في الوقت الذي لم يوجد فيه في بريطانيا أي طبيب بيطري ينصح باضافة السكر الى تغذية الماشية.
ولقد قام البروفيسور اي في ماك كولم E. V. McCollum من جامعة جون هوبكنز في عام 1957 بتأليف كتابه "تاريخ التغذية" والذي يوصف بأنه أهم عالم تغذية في أمريكا، وبالتأكيد رائد في هذا المجال. وأثناء اعداده لهذا الكتاب راجع حوالي 200000 بحث علمي منشور، تسجل تجارب على الأغذية وخواصها، وطرق تناولها، وتأثيراتها على الحيوانات والبشر. وكانت هذه الأبحاث تغطي فترة زمنية من منتصف القرن الثامن عشر الى عام 1940. ومن هذا المخزون العلمي الهائل، اختار ماك كولم هذه التجارب التي اعتبرها علمية "لبحث قصة تطور اكتشاف اخطاء البشر في هذه الجزئية من العلم (التغذية)". وفشل البروفيسور في تسجيل تجربة علمية محكمة واحدة عن السكر في الفترة بين 1816 و 1940.
وللأسف يجب أن نذكر أنفسنا أن العلماء اليوم كما هو دائما لا يستطيعون العمل دون رعاة يمدونهم بالمال، ذلك أن البروتوكولات العلمية الحديثة قد ضاعفت من تكلفة البحث العلمي. لذا يجب ألا نندهش عندما نقرأ في مقدمة كتاب "تاريخ التغذية" الذي ألفه البروفيسور ماك كولم أن "المؤلف والناشرون يشعرون بالامتنان للمؤسسات الغذائية، للمنحة التي قدموها لسداد جزء من قيمة نشر هذا الكتاب".
قد تسأل ماهية هذه المؤسسات الغذائية؟ لا يجيب المؤلف والناشرون على هذا السؤال. لكننا نعرف الآن أنها كان مجموعة من الشركات من بينها شركة تكرير السكر الأمريكية، الكوكاكولا، البيبسي كولا، شركة كورتس للحلوى، الأغذية العامة، المطاحن العامة، شركة نستله، شركة ألبان الحيوان الأليف، شركة صن شاين للبسكويت، وذلك من بين 45 شركة أخرى.
في عام 1939 قارن طبيب أسنان أمريكي (د. وستون أ برايس Dr.Weston A. Price) بين التغذية البدائية والحديثة وتأثيراتها، وكانت الخلاصة المدمرة التي سجلها أن البشر الذي عاشوا في أماكن ومجتمعات بدائية كان لديهم أسنانا ممتازة، وصحة عامة رائعة. كانوا يأكلون الطعام الطبيعي، غير المكرر والذي يأتي من مناطق معيشتهم. لكن عندما بدأ استيراد الأطعمة المحتوية على سكر مكرر كنتيجة للاحتكاك مع "الحضارة" بدأ الانهيار البدني بصورة ملحوظة خلال جيل واحد. وأي مصداقية لما يقوله صانعو السكر تعتمد على جهلنا بأعمال مثل التي قام بها د. برايس. يحاول منتجو السكر بأمل كبير وبمشاركة وافرة في منح مالية مقدمة للقيام بالأبحاث للكليات والجامعات، لكن معامل الأبحاث لم تستطع أن تأت بأي نتائج صلبة يمكن استعمالها في الدعاية للسكر. كانت نتائج الأبحاث دائما أخبارا سيئة لهم.
ويكون الأمر فضيحة كبرى عندما يعض الباحثون يد من قدم لهم المنح لتمويل أبحاثهم. في عام 1958 نشرت مجلة "تايم" أن باحثا بجامعة هارفارد ومساعديه عملوا على عدد ضخم من الفئران لأكثر من عشر سنوات، معتمدين على منحة من مؤسسة أبحاث السكر،بما قيمته 57000 دولار أمريكي للكشف عن كيفية احداث السكر لتسوس الأسنان، وكيفية الوقاية من ذلك. واستغرق الأمر عشر سنوات لاكتشاف أنه ليس هناك أي وقاية من الاصابة من تسوس الأسنان عند استعمال السكر. وعندما عرض الباحثون هذه النتائج في مجلة جمعية أطباء الأسنان، جف مصدر المال المقدم لهم، إذ سحبت مؤسسة أبحاث السكر دعمها.
وكلما أصابها العلماء بالخيبة، إزداد اعتماد صناعة السكر على رجال الدعاية والاعلان.