كشف العلماء مؤخرا عن وجود جين محدد يدفع بالأشخاص الذين يحملونه الى تناول الطعام حتى وهم ليسوا بحاجة اليه. والطفاسة –لمن لا يعرفها- هي طمع بدون مبرر.. فقد تطمع في شيء تحتاجه، وهذه ليست طفاسة، ولكن الطفاسة هو أن تطمع فيما لا تحتاجه.
الشخص الذي يحمل جين الطفاسة يجلس لتناول الطعام، ويظل يأكل ويأكل حتى يشبع ولكنه لا يتوقف، بل يستمر في تناول مزيد من الطعام، وبعد أن يفرغ من الطعام أو يفرغ الطعام من أمامه، لا يكاد يستكن ليحاول التقاط أنفاسه، بعد أن ضاقت مساحة التقاط الأنفاس بسبب تخمة البطن، وهنا قد تظهر في الصورة تورتة حلوى أمامه.. ورغم عدم امكانه التنفس من كمية الطعام التي تكبس على رئتيه، إلا أنه –بسبب الطفاسة- يقرر أن يقوم ليأخذ نصيبه من التورتة، فيأكل منها أكلا غير رفيق كما لو كان بينه وبينها ثأرا.
هنا نحب أن نوضح فرقا هاما بين السيارة والانسان. فالسيارة لها خزان للوقود يمكن أن يمتلأ حتى حافته، لكنها لا تقبل مزيدا، وأي محاولة لاضافة كمية أخرى من الوقود يكون مصيرها الانسكاب الى خارج الخزان. لكن الانسان يختلف عن السيارة لأن خزان طعامه –المعدة- يمكن أن تتمدد حتى تصل الى منطقة الحوض من جسده. فجسم الانسان يتحمل منه الكثير دون أن ينهار سريعا تحت وطأة الأخطاء التي يرتكبها الانسان في حقه، وإن انهار لاحقا.
هذه الطفاسة التي تدفع صاحبها الى تناول ما لا يحتاجه من طعام، والتي تجعل عينيه تزوغان الى حيث يكون الطعام ليشتهيه، تقود الانسان ليكون خزانا متنقلا للطعام، الذي لا يجد جسمه مفرا من تخزين هذا الطعام الزائد في صورة دهون.
ولقد رأيت بالأمس في أحد الأسواق رجلا يزيد وزنه عن المائتي كيلو جراما، ويمشي بصعوبه يجرجر رجليه وقد تقطعت أنفاسه، ورأيت في هذا الانسان معجزة عظيمة، فكيف يمكن لساقين أن يتحملا هذا الوزن الهائل؟ وفكرت في السبب الذي دفع مثل هذا الانسان لتكوين هذه الكتلة الهائلة من الدهون والشحوم التي تسير على ساقين، ليس بالطبع الرغبة العادية في تناول الطعام، ولا في الاحساس بالشبع، ولكنها رغبة عارمة في تناول كل شيء وأي شيء يظهر أمام عينيه حتى وإن لم تكن لديه حاجة إليه. وهذه هي الطفاسة بعينها.