في هذه الدراسة وجد العلماء أن توزيع العيون الجميلة في العالم يتركز بشكل واضح في البلاد التي تمارس عادة ثقب آذان الفتيات الصغيرات تمهيدا لتركيب أقراط فيها ، بينما يقل جمال العيون بشكل كبير في البلاد التي لا تمارس هذه العادة ، وأكد العلماء أن تقليد ثقب آذان البنات المعتاد في كل بلدان الشرق لتركيب الأقراط التقليدية ، والذي يتم عادة في الأسبوع الأول بعد ولادة الطفلة هو السبب في جمال وجاذبية العيون الشرقية .. ووجدت الدراسة تفسير هذه الظاهرة في الطب الصيني التقليدي ، وفي علم الوخز بالابر بالذات . فالأذن في طب الوخز بالابر تمثل جنينا مقلوبا تكون شحمة الأذن فيه هي الرأس بينما يكون صوان الأذن هو باقي الجسم متكورا على نفسه آخذا صورة الجنين في بطن الأم ، ويكون الخط الخارجي للأذن ممثلا للظهر ، بينما تمثل باقي أجزاء الأذن أعضاء الجسم المختلفة بما يقابلها . والنقطة التي تثقب فيها الأذن هي ذاتها النقطة التي تمثل العين ، وهكذا فان ثقب هذه النقطة بالذات يؤدي الى جمال العين وقوة ابصارها ، حيث أنه ينشط ويحفز كل ما له صلة بالعين وشكلها ووظيفتها .
ومن المعروف أن النساء الغربيات في أوربا وأمريكا نادرا ما يقمن بثقب آذانهن ، ويكتفين بارتداء الأقراط التي تمسك بالأذن من الخارج فقط عن طريق مشبك ، وهذا ما يجعل عيون الغربيات خارج دائرة المنافسة مع العيون الشرقية كما تقول الدراسة المثيرة .
وطب الوخز بالابر الصينية في الأذن ، أو ما يسمى اختصارا “طب الأذن” – وهو غير طب الأنف والأذن والحنجرة بالطبع – يعالج أمراض الجسم المختلفة عن طريق نقاط في الأذن يصل مجملها الى حوالي 108 نقطة تتوزع على مساحة الأذن بالتساوي وذلك عن طريق تنشيطها المباشر للأعضاء الممثلة لها أو عن طريق تنشيط مسارات الطاقة المختلفة ، وعلاقة النقاط ببعضها يشبه علاقة أعضاء الجسم ببعضها ، فمثلا نقطة القلب تقع في وسط نقطتي الرئتين ، وهو ما يمثل وقوع القلب الحقيقي بين رئتي الانسان ، كما أن نقطة علاج القولون تقع بعد نقطة الأمعاء الدقيقة وعلى مقربة من نقطة المعدة بالطبع .
ومن المهم الاشارة الى أن هناك نقاط بعينها لعلاج أمراض محددة مثل نقطة النيكوتين التي تستخدم في مساعدة من يريد التوقف عن عادة التدخين الضارة بالصحة ، كما أن هناك نقطة الشهية التي يمكن عن طريقها مساعدة من يريد فقد الوزن والسيطرة على شهيته للأكل وأيضا تنشيطها في حالة فقد الشهية . وهناك أيضا نقاط للسيطرة على العنف والتوتر والاكتئاب وغير ذلك من الأمراض النفسية .
وعرف العلماء أن تنشيط نقاط معينة في الأذن يمكن أن يزيد من عنف وعدوانية الشخص الواقع تحت العلاج ، حتى أن بعض فرق هوكي الجليد في ألمانيا ، وهو لعبة مشهورة بالعنف والعدوانية ، كانت تستخدم معالجا بالابر لتنشيط هذه النقاط للاعبيها لزيادة عنفهم وعدوانيتهم أثناء اللعب ، وكانت النتيجة شديدة الفاعلية حتى أن الدوري ألغي في ذلك العام نتيجة العدوانية الزائدة التي منعت استكمال العديد من المباريات ، ومن يومها توقفت هذه الفرق عن هذه الممارسة الطبية .
وفي لعبة الجولف التي تحتاج الى تركيز هائل وهدوء في أعصاب ممارسها ، بلجأ بعض أبطال اللعبة الى اخصائي في طب الأذن لوخز نقاط معينة لتهدئة اللاعبين وزيادة تركيزهم ، مما ينعكس بالتالي على أدائهم وطريقة لعبهم بالايجاب .
والابر المستخدمة في وخز الآذان تختلف عن الابر المستخدمة في وخز الجسم ، فهي أصغر في الحجم ولا يزيد طولها عن ملييمتر واحد وتنتهي بحلقة تستقر على جلد الأذن بينما يغوص السن المدبب للابرة في جلد الأذن ، ثم يتم تغطية الحلقة الظاهرة من الابرة بقطعة صغيرة من البلاستر لتظل الابرة في مكانها لفترة أسبوع ، وهذا ما يعطي هذه الابرة اسمها المميز وهو “الابرة شبه الدائمة” تمييزا لها عن ابر الجسم التقليدية التي يصل طولها من 3 الى 10 سنتيمترات ، وتغرز في الجسم لفترة محددة تصل الى 20 دقيقة فقط في الجلسة . ويتم تجهيز جلد الأذن وتطهيره قبل استعمال الابر ذات الاستعمال الواحد حتى لا تحدث التهابات أو عدوي . و مؤخرا أصبح من الممكن الاستعاضة عن الابر باستخدام شعاع الليزر منخفض الطاقة للاشعة تحت الحمراء في تنشيط نقاط العلاج في الأذن وأيضا في باقي نقاط العلاج بالوخز بالابر في الجسم كله . وفي الصين طور أطباء الوخز طريقة العلاج باستخدام بذور من نباتات معينة تمتاز بصغر حجمها الذي لا يتعدى المليمتر الواحد ، ثم توضع هذه البذور وتغطي بالبلاستر ويتم الضغط عليها عدة مرات يوميا حتى يحصل المريض على نفس التأثير الذي تقوم به الابر . ويعتبر استخدام الليزر والبذور حلا لمشكلة المريض المتوتر الذي يخاف من وخز الابرة ، كما أنه حل مناسب للأطفال الذين قد لا يحتملون وخز الابر على بساطتها .
وتسجل المراجع العالمية أن من أوائل الذين استخدموا وخز الأذن في العلاج هم المصريون القدماء منذ العام 2000 قبل الميلاد ، اذ وثقت لهم علاج بعض حالات العقم عن طريق نقاط في الأذن ، ومن الطريف أن نفس هذه النقاط تستعمل حاليا في علاج نفس الحالات . كما أن الصينيون استخدموا هذه الطريقة في العلاج أيضا ، وان كان العالم ينسب اليهم فضل الريادة في هذا الفرع من الطب بعد أن اهتموا به بتركيز شديد أيام الثورة الثقافية ، ثم كانت زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون الي الصين واستعمال الوخز بالابر في علاج بعض مرافقيه مما أدى الى القاء الضوء على العلاج بالوخز بالابر عامة ومن ثم اهتمام الغرب والعالم كله به ، وبداية تكثيف الدراسات والابحاث على امكانيات هذه الطريقة الفريدة في العلاج والتي تتعامل مع قوى الطاقة الداخلية للجسم دون اللجوء الى كيماويات قد تضر أكثر مما تنفع .
لكن وخز الآذان أو طب الأذن عرف في أوائل الخمسينيات في فرنسا أيضا حيث اهتم به طبيب فرنسي يدعي “نوجييه” كان يقيم في ليون ، وأصبحت له مدرسة معروفة في العلاج الأذني فهو أول من ربط بين شكل الأذن والجنين المقلوب لافتا النظر الى أن الأذن هي التلخيص الدقيق لأعضاء الجسم وأجزائه بالكامل ، حتى أن العالم يسمي بعض نقاط الأذن التي عرفها الصينيون بالنقاط الصينية بينما يسمى تلك التي اكتشفها دكتور نوجييه بالنقاط الفرنسية .
ولقد لاقى طب الأذن بعض المعارضة من أطباء المدرسة الطبية الغربية حيث ادعوا أن التأثيرات العلاجية له هي نتيجة تأثر المريض نفسيا ، وقدرة المعالج الايحائية ، أو ما يسمى بتأثير “البلاسيبو” ، ولكن علماء طب الأذن سرعان ماردوا على هذا الادعاء عن طريق اجراء التجارب على حيوانات المعمل والحصول على نتائج مؤكدة وموثقة باجراء تحاليل الدم قبل وبعد اجراء العلاج لاثبات وجهات نظهرهم . وفي هذا المجال نذكر التجربة التي قام بها علماء الوخز في علاج بعض فئران التجارب من مرض السمنة ، فقد اختار العلماء بعض الفئران السمينة وتم قياس معدلات مادة السيروتونين في دمائها ، وهي المادة التي يتسبب نقصها في زيادة الشهية ، ووجد العلماء أن مستويات هذه المادة تنقص عن مثيلاتها من الفئران عادية الوزن . ثم تم تثبيت ابر في نقاط محددة في آذان هذه الفئران التي لوحظ أن شهيتها عادت لمعدلاتها الطبيعية حتى مع عدم تحديد كميات الطعام المطروحة أمامها ، مما أدى الى انخفاض وزن هذه الفئران بعد فترة محددة ، وبعد اجراء فحص آخر للدم لهذه الفئران وجد العلماء أن معدل نسبة مادة السيروتونين لديها قد عاد للمستوى الطبيعي مقارنة بالفئران ذات الوزن العادي ، ومن هنا أثبت العلماء أن للعلاج بالابر في الاذن تأثير محدد وواضح ويمكن تفسيره علميا عن طريق تحديد مستويات محددة لمواد معينة في الدم .
كما تم اجراء هذه التجربة على متطوعين من البشر يرغبون في فقد بعض الوزن في جامعة “أديليد” في جنوب استراليا ، حيث تم تثبيت ابر في نقاط معينة في الأذن بغرض زيادة مادة السيروتونين ، وأيضا تنشيط الفرع الأذني للعصب الحائر الذي تمتد بعض فروعه الى المعدة مما يؤثر على جدرانها واحساسها بالامتلاء ، وكانت نتيجة التجربة أن المتطوعين فقدوا وزنا نتيجة لارتفاع نسبة مادة السيروتونين ، وأيضا لتنشيط فرع العصب الحائر في الأذن .. ومن المعروف أن مادة السيروتونين هي المسئولة عن زيادة الشهية في حالة نقصانها ، وأيضا هي المسئولة عن الاصابة بالاكتئاب ، حتى أن معظم أدوية معالجة الاكتئاب تعمل عن طريق زيادة الخلايا المنتجة لهذه المادة في المخ .
ويمكن استخدام الوخز في الأذن – سواء بالابر أو الليزر أو البذور – في علاج أمراض أخرى عديدة بالاضافة الى السمنة والنحافة نذكر منها المساعدة في الامتناع عن التدخين وفي حالات الادمان عموما ، وعلاج بعض أمراض الجهاز الهضمي ، وبعض حالات الربو ، وبعض أنواع العقم والضعف الجنسي . ويهتم بهذا العلاج كثير من أطباء الغرب حيث قدرت نسبة من يستخدمون الوخز بالابر في بريطانيا بحوالي 25 % من مجموع الممارسين العامين . ومن الثابت علميا أن استخدام الابر الصينية للعلاج سواء في الجسم أو الأذن مأمون تماما ، ولم تسجل لها اية مضاعفات أو أعراض جانبية أثناء العلاج أو بعده.
وهكذا تصبح الأذن هي مفتاح الجسد كله .. تعالج أمراضه ، وتعيد الطاقة الى كل مساراته ، وتثير التساؤل والتعجب في أسرار الجسد والطاقة والعلاج والشفاء على مدى العصور.