اسمحوا لي أيضا الأصدقاء أن أصارحكم بما يدور في ذهني هذه الأيام.. فبعد قضاء سنوات طويلة في العمل كطبيب يعالج السمنة في معظم الأوقات، والنحافة أحيانا، قابلت كثير من الناس الذين يرغبون في العودة للرشاقة والوزن المثالي. ولكني لا أدري لماذا يفضل الناس الكسل على مواجهة الحقائق؟
يزيد الوزن في معظم الأحيان نتيجة تناول طعاما أكثر من حاجة الجسم، ولا يجد الجسم وسيلة غير تخزين الزائد عن الحاجة بعد استهلاك ما يطلبه منها. ودائما أبدا يكون الطعام أكثر من حاجة الجسم جسدا.. ونقصد بالطعام هنا كمياته ونوعياته.. وطريقة طهيه.
لكن بعض من أصدقائي الذي أقابلهم في عيادتي وأتلقى رسائلتهم من خلال موقعي لا يريدون أن يعترفوا بالحقائق. فهو يريدون أن يستمروا في نمط حياتهم الذي قادهم للزيادة في الوزن، ثم يحاولون الوصول للرشاقة المفقودة عن طريق إما أقراص أو أعشاب أو وسائل خرافية أخرى.. فهذا يبحث عن قرص يبتلعه يعود بجسده ممشوقا رشيقا، وهذه تفكر في عشبة رجل الأسد، وربما يفكر أخرون في الأسد شخصيا يأكل نصف أجسادهم ليريحهم من الوزن الزائد!
وعندما يفكر البعض في الحل عن طريق تنظيم الغذاء يلجأون للخلط بين كل ما يسمعوه من أنظمة غذائية، منتجين ريجيما أسميه أنا ريجيم الهواة.. وهو يضر أكثر ما ينفع.. وقد ينتج بعض الخفض في الوزن في البداية.. لكن الاستمرار والوصول لبر السلامة هو المشكلة، فيكون الشخص – كما ذكرت ذات مرة – مثل الذي يلقي بنفسه من الدور العاشر فيطير للحظات في الجو فيعتقد أنه قادر على الطيران، وما هي الا هنيهة الا ويدق عنقه على أرض الواقع المرير. ويشبه ريجيم الهواة أن يذهب أحدهم الى المحكمة وأمام القاضي يتكلم عن قانون من صنعه هو، بدلا من اللجوء الى المتخصص القانوني وهو المحامي في تلك الحالة. فتكون النتيجة أن القاضي يحكم عليه بأقصى العقوبات لجهله غير المبرر بالقانون.
والجسد أيضا يحكم عليك بأقصى العقوبة عندما تتعامل معه بدون علم بالقوانين التي تنظمه، وهي قوانين علوم وظائف الاعضاء والكيمياء الحيوية والفيزياء الحيوية وغيرها من العلوم الطبية التي يعرفها الطبيب المتخصص.
وأبسط القواعد التي تحكم السمنة والوزن الزائد تقضي بأن العلاج يكون عن طريق التقليل من كميات الطعام المتناولة، ومراعاة طريقة طهيها، والامتناع عن السكريات المباشرة التي لم يخلقها الله في الطبيعة، والاحتراس من النشويات والدهون، مع التمتع بما خلق الله من خضراوات وفواكه ولحوم وأسماك ودواجن، وحبوب كاملة ومكسرات، وألبان ومنتجاتها. كما يجب أن يهتم الانسان بممارسة النشاط البدني والرياضة.
لكن البحث عن حل خرافي للسمنة في العقاقير والأعشاب والوهم والدجل، فسيكون مثل الذي قفز من الدور العاشر قبل أن يرتطم بالأرض بلحظات!
كما أن الامساك بالعصا من الوسط لن ينفع.. فهذه تريد خفض وزنها وترفض أن تمتنع عن أكل الشوكولاتة، وأخرى تسلي نفسها أثناء الريجيم بتناول التفاح طوال اليوم، وهو في النهاية طعام زائد عن الحد حتى لو كان تفاحا. وثالثة تصمم على تناول طبق ضخم من الكشري لأنها اشتاقت اليه رغم علمها أنه لا يجوز أثناء الريجيم. ورابعة تفرح بريجيم سمعت عنه من صديقاتها يسمح بتناول قطع الجاتوه .. والنتيجة زيادة الوزن وليس خفضه.
وفي النهاية لا يصح الا الصحيح، السمنة قضية تناول طعام أكثر من اللازم.. ونوعيات طعام غير مناسبة لأجهزة الجسم.. والاصلاح يجب أن يتم من خلال خفض كمية الطعام، ومراعاة النوعيات.. فهل يسمعون؟