نقل عن الزعيم الهندي الخالد المهاتما غاندي قوله : “احتقرت الرياضة في شبابي، فاحتقرتني في شيخوختي”.. والمعنى الواضح من هذه المقولة انه لم يزاول الرياضة في شبابه، فدفع ثمن ذلك من ضعف بنيته ولياقته وصحته في شيخوخته. ولو كان غاندي يعيش بيننا الآن لعرف أن أهل الاختصاص في الصحة واللياقة والرياضة ينصحون بمزاولة الرياضة في أي مرحلة سنية، و أن الوقت ليس متأخرا مهما كان العمر الذي يقرر فيه الإنسان مزاولة الرياضة. |
ونظرة مماثلة لبعض القابعين خلف المكاتب لا يحركون عضلاتهم الرخوة، يقرءون تلالا من المكاتبات ويحركون الأيدي بالأقلام للتوقيع أو تعديل كلمة هنا أو هناك، ويكثرون من شرب الشاي والقهوة وتدخين السجائر، ويتجاهلون أوقات تناول الغذاء المنتظمة، ثم يجرجرون أقدامهم بتثاقل إلى المنزل لتناول وجبة ثقيلة متأخرة يمددون بعدها “الجثة” لنيل قسط من الراحة، ثم يستيقظون في اليوم التالي لتكرار هذا البرنامج اليومي. والنتيجة معروفة مقدما.. أمراض القلب و الشرايين و الضغط و السكر و السمنة و المفاصل و الظهر و.. و.. والاكتئاب. من الطبيعي أن يكون خيارنا لأنفسنا هو الصحة و اللياقة البدنية و الرشاقة و ازدياد الثقة بالنفس، وهذا كله ينتج عن ممارسة الرياضة بانتظام حيث تؤدي الي زيادة قدرة الجسم على بذل الجهد أو ما يسمى “بزيادة اللياقة البدنية”. و زيادة اللياقة البدنية هو رد فعل الجسم للإجهاد الناتج عن التمرينات الرياضية. و يمكن لأي شخص أن يتمتع باللياقة البدنية العالية لو اتبع تمرينات رياضية مناسبة وسليمة، ولمدد وعلى فترات مناسبة. وهذه تنشأ تبعا لقدرة العضلات على زيادة قدرتها على التمثيل الغذائي ( نشاط الهدم و البناء في الأنسجة ) ، وتحسين توصيل الأكسجين للأنسجة، وأيضا التغيرات في تنظيم الجهاز العصبي اللاإرادي خلال التدريبات مثل تسارع ضربات القلب، وسرعة معدل التنفس، وزيادة افراز العرق وغيرها.
ومن المعروف أن الذين يمارسون الرياضة يكونون في الأغلب أكثر اهتماما بالصحة عموما، بما في ذلك الاهتمام بالطعام الصحي، و الامتناع عما يؤذي الصحة من تدخين و تعاطي المكيفات.
وهناك تمرينات رياضية منوعة تندرج كلها تحت ما يسمى “الايروبكس” أو الرياضة الهوائية أي التي تجعل الجسم يزيد من معدل التنفس أثناء القيام بها، ومنها المشي، والركض، والهرولة، والسباحة، والتجديف، وقفز الحبل، وألعاب المضرب، وركوب الدراجة. و هذه التمرينات تقوي عضلة القلب والرئتين، ويجب أن تكون جزءا من أي برنامج لرفع اللياقة البدنية.
وبالإضافة للياقة البدنية، فان التمرينات الرياضية تؤثر على التمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية في الجسم. ففي أثناء التمرينات، يبدأ الجسم في استهلاك الجليكوجين (النشاء الحيواني) المختزن من اجل إنتاج الطاقة. وبعد التمرينات يبدأ الجسم في تعويض الجليكوجين عن طريق سحب الجلوكوز من الدم ، وتزداد حساسية مستقبلات الانسولين في الجسم، مما يؤدي الى تناقص كمية الانسولين المطلوبة في الأنسجة والتي ينتجها البنكرياس، ويؤدي ذلك الى التقليل من احتمالات الإصابة بمرض السكر مع تقدم السن.
ولقد لوحظ أن ممارسة الرياضة تقلل من هشاشة العظام في السيدات بعد سن اليأس، إذ تصبح عظامهن أقوى و أكثر صحة. كما يلاحظ أيضا أن الذين يمارسون الرياضة يميلون لأن يكونوا أقل وزنا من أمثالهم من غير ممارسي الرياضة، إذ يزداد حجم عضلاتهم، و تقل كمية الدهون المختزنة تحت الجلد. ومن المستفيدين بممارسة الرياضة أيضا مرضى آلام الظهر مع مراعاة ممارسة التدريبات المناسبة لحالاتهم. غير أن من أهم الآثار الإيجابية لممارسة الرياضة، انخفاض نسبة المصابين بالقلق و الاكتئاب بين الممارسين، بل و زيادة البهجة نتيجة زيادة مادة الاندورفين وهي من المورفينات الطبيعية، وتحسن ثقتهم بنفسهم، مع ازدياد قدراتهم على التعامل مع الضغوط، كما تزيد مناعة الجسم في مقاومة الأمراض المختلفة.
إن النشاط البدني جزء ضروري من العلاج بالنسبة للذين يعانون من زيادة الوزن، و هو أحسن طريقة لمنع الانخفاض في متطلبات الطاقة، وهي حالة تصاحب تخفيف الوزن وتؤدي الى انخفاض في معدلات نقص الوزن. وأفضل فائدة أيضية (مرتبطة بالتمثيل الغذائي) ترتجى من الرياضة هي تلك التي تنتج عن ساعة واحدة من التمرينات الرياضية على الأقل وذلك خلال ثلاثة أيام في الأسبوع. وتعتبر السباحة من الرياضات المفيدة أيضا من حيث عدم إحداث أضرار بالجهاز العظمي العضلي، وكذلك المشي فهو يعتبر من الرياضات المناسبة. ويراعى أن يوضع برنامج للزيادة التدريجية في النشاط العضلي حتى يصل الأمر إلى تحقيق ساعة من المشي في اليوم أو ما يعادلها.
لكن يجب أن يوضع في الاعتبار أن الرياضة وحدها لن تذهب بالوزن الزائد، ولكنها مكمل للنظام الغذائي والعلاج السلوكي، وهي التي تحافظ على معدل الطاقة المنصرفة من الجسم حتى مع انخفاض الوزن.