نعيش الحياة ونحن مشغولون بالتطلع للحظة أخرى غير التي نعيشها .. نخطو خطوة ونحن نفكر في الخطوة التالية ، ليس عن تخطيط طموح للمستقبل بل عن إهمال للحياة وفرص التمتع بها .. نرغب في الهروب من اللحظة في انتظار ما لا نعرفه فنبيع حياتنا دون مقابل.
p> 

في مرحلة الدراسة ونحن صغار نتطلع الى يوم التخرج .. وبعد التخرج نتطلع الى العمل .. وفي كل يوم لا نعيشه بل ننتظر الغد ونحن نحمل همومه ومشاكله مسبقا .. وعندما ننجب الأطفال نظل في توقع للأيام القادمة دون تمتع باللحظة .. ودائما ما نجد لدينا شيء نقلق من أجله .. متى يتعلم الطفل ضبط نفسه واستعمال الحمام بمفرده .. متى يذهب الى الحضانة .. الى المدرسة .. الى الجامعة .. متى يتخرج .. متى يعمل .. وفجأة يجد أن الحياة قد تسربت من بين أصابعنا دون أن نشعر بجمال اللحظة ولذة الحياة .. إذ يشغلنا التطلع للغد عن العيش في الحاضر .. وقديما قال أحد الحكماء إن الأمس أصبح ماضيا لا يمكن استعادته ، والغد في علم الغيب لا نضمن منه شيئا ، ولا يبقى لنا الا الحاضر لنعيشة حتى الثمالة .. ولعل حياة الزهرة التي قد لا يزيد عمرها عن يوم تعطينا المثل في الحياة والعطاء جمالا ولونا ورائحة ونضرة .. وهو ما ألهم الشاعر الراحل مرسي جميل عزيز هذه الأبيات الجميلة :

 

ليس سرا يا صديقي أن أيامي قليلة

ليس سرا .. انما الأيام بسمة طويلة

إن أردت السر فاسأل عنه أزهار الخميلة

عمرها يوم .. وتحيا اليوم حتى منتهاه ..

سوف أحيا ..

سبب للحياة