هو مرض نفسي يرتبط باضطرابات التغذية ونظرة الشخص لشكله ووزنه، ومحاولاته لحل مشاكله النفسية، وهو يصيب الفتيات في سن المراهقة، وقد يحدث أيضا في الأولاد أو البنات الأصغر والأكبر سنا. والملمح الأكثر شيوعا هو فقدان الوزن المصحوب بتغيرات في السلوك والتصرفات. ويكون فقد الوزن مضطردا ببطء، وغالبا ما يبدأ بنظام غذائي عادي لخفض الوزن. وقد تكون الحالة المرضية قد استقرت لشهور قبل أن تبدأ في اثارة القلق لدى الأهل، اي عندما يكون فقدان الوزن قد بلغ حدا ملحوظا.
تكون البداية عندما تقرر الفتاة أنها يجب أن تفقد وزنا، وتقابل أية محاولة لاعتراض تفكيرها بالغضب أو بمحاولة الاحتيال على اعتراض الأهل. وتفشل سبل المواجهة، والمناقشة المنطقية أو حتي المكافأة في ايجاد أدني تغيير في عادات الأكل لدى الفتاة. وتستمر الفتاة في فقد الوزن بطريقة تزيد من قلق الأسرة ، وقد تضعف الفتاة الى الحد الذي يجعلها غير قادرة على الخروج من المنزل أو الذهاب الى المدرسة.
وتمر الفتاة بتغيرات في شخصيتها اذ تصبح حادة الشخصية وتزداد جديتها، وتصبح غير مستمتعة بالحياة أو بمباهجها، كما تبدأ في فقدان الصلة بصديقاتها وقد تفقد الاهتمام باي شيء خارج نطاق الأكل والتحصيل الأكاديمي. كما قد تصبح أكثر وسوسة وخصوصا في المطبخ حيث تصبح أشد اهتماما بالنظافة والنظام والترتيب المنضبط لوقت الوجبات. وقد تظهر رغبة في أن تطهي الطعام لأسرتها وتبدو كما لو كانت تشجعهم على أن يأكلوا أكثر من اللازم. ومع الوقت تبدو أن ثقتها في نفسها تضمحل، وتصبح أقل تحديدا، وأقل قدرة على المجادلة، وان كان أكثر استقلالية. وفي نفس الوقت فان سلوكياتها المحيرة تبدأ في السيطرة على حياة المحيطين حولها.
الأسباب
بعض الجوانب التي تتسبب في هذه الحالة غير معروفة حتي الآن، لكن هناك خلل متعدد الأسباب يمكن أن يتسبب في هذه الحالة المرضية. بعض هذه الأسباب هي طبيعة شخصية الفتاة نفسها، وعلاقتها بأفراد أسرتها، والضغوط والمشاكل التي تحدث خارج المنزل والتي غالبا ماتدور في المدرسة. وقد لوحظ ازدياد معدل الاصابة بهذه الحالة في الأسر التي تكون بها تاريخ مرضي للحالة من قبل، مما يدل على تواجد استعداد وراثي أيضا. والمحرك الأساسي للحالة هو فقدان الوزن لأي سبب، والذي قد يكون مجرد اتباع نظام غذائي عادي لفقد بعض الدهون من الجسم.
وشخصية الفتاة المعرضة للاصابة بهذه الحالة تميل الى أن تكون ملتزمة ومطيعة وميالة للعمل الجاد. وهي أيضا معروفة لمدرسيها ومشهورة بأنها لا تسبب أية متاعب دراسية طوال السنين. واذ تتعرض زميلاتها لمصاعب فترة المراهقة فانها تبدو كنموذج للتصرفات الواعية، لكنها تظهر بعض التصرفات التي تشوبها الوسوسة. وهي دائما منظمة ومنضبطة، وتكون كل هذه الصفات ملحوظة بصفة واضحة قبل بداية الاصابة بفقدان الشهية العصبي، ولكنها تزداد أيضا بظهور الحالة المرضية.
وبظهور الحالة تتوتر علاقتها بأهلها حتي ولو كانت جيدة قبلها. وتكون عائلات المصابات بهذه الحالة في الأغلب من العائلات الكبيرة والتي تتوقع الكثير من أولادها. وتكون الفتاة المريضة واقعة تماما تحت تأثير هذه القيم لذا فانها تضع لنفسها مستويات معينة قد تبدو متطرفة. وفي خلال فترة المراهقة عندما يميل الشخص الى الاستقلالية تظل الأسرة تطلب من الفتاة الامتثال لقيم معينة في السلوك، فتفتقد الفتاة الى الاحساس بالبهجة والرغبة في الانطلاق،وتغيب عنها فكرة تقبل افكار أخرى للسعادة، وتلتزم الفتاة بالرغبة في أن تكون صورة من أمها مما يشوه العلاقة الطبيعية بينا وبين امها. وفي العام الذي يسبق الاصابة بالحالة فان هناك كثير من المشاكل والضغوط التي تخلق القلق وعدم السعادة، وغالبا ما تأتي هذه المشاكل من المدرسة حيث تكون هذه الفترة هي فترة الحصول على شهادة الثانوية العامة بكل ضغوطها النفسية وأعبائها الصعبة. واذ تزداد الفتاة في النحافة، فانها ترى نفسها دائما أنها زائدة في الوزن وانها يجب أن تفقد وزنا أكثر.
مخاطر فقدان الوزن في حالة فقدان الشهية العصبي
يستطيع الجسم عادة أن يدبر أمره جيدا في حالات نقص الغذاء وانخفاض الوزن بطريقة طيبة. والعودة الى الوزن الطبيعي ومعدلات تناول الطعام العادية تكون مصحوبة عادة بعودة النشاط البدني الطبيعي بما في ذلك القدرة على انجاب الأطفال. ولكن في فترات فقدان الوزن يحاول الجسم أن يحافظ على الطاقة قدر الاستطاعة حتي أن بعض الوظائف الحيوية الأساسية قد تتوقف. لذا فان الدورة الشهرية تتوقف عندما يتغير معدل تناول الطعام وزيادة فقدان الوزن عند الفتاة، كما أن الدورة الدموية تتأثر فتصبح اليدين والقدمين حمراء وباردة، ويقل معدل ضربات القلب كما ينخفض ضغط الدم، كما قد يحدث هبوط في القلب في حالة فقد الوزن السريع وفي حالة تغير كيمياء الدم كما يحدث في حالة القيء الشديد والاسهال واستعمال أقراص ادرار البول.
وفي حالة انخفاض وزن الجسم عن 40% من الوزن الطبيعي فان مخاطر الوفاة تتزايد. ان انخفاض الوزن الشديد والمرضي في مرحلة المراهقة قد يقود الى فشل دائم في عملية النمو، ويحدث هذا اذا حدث مرض فقدان الشهية العصبي مبكرا في فترة المراهقة واستمر لسنوات طويلة، كما يمكن أن تحدثث هشاشة العظام، وترققها فيما بعد.
والعلاج يستلزم استشارة الطبيب في أقرب وقت ممكن من توقع حدوث هذه الحالة المرضية، كما يجب أن تكون كل محاولات فقدان الوزن واتباع نظام غذائي تحت اشراف طبي.