صديقات وأصدقاء الموقع.. فكرت أن أكتب اليكم في صفحة الاستشارات بدلا من صفحة المقالات التي عودتكم الكتابة فيها.. والسبب هو أني أريد أن أجعل موضوع اليوم مثل “دردشة” من قلب مفتوحة الى قلوب مفتوحة.
السبب في هذه “الدردشة” هو احساسي بأن البعض من الأصدقاء يحاول بكل الجهد والاخلاص أن يخفض من وزنه في حالة السمنة، وأن يزيد من وزنه في حالة النحافة.. ولكن هذا الجهد وهذا الاخلاص يتم توجيههما بصورة خاطئة الى ممارسات غير مجدية.. وذلك بفعل تجار الأوهام ممن يستغل رغبة الناس في الوزن المثالي بترويج أفكار خاطئة وخرافات ضارة.. وسوف أكون شجاعا وصريحا أيضا عندما أقول أن بعض الأطباء الذين لا ضمائر لهم أصبحوا يعملون على تحويل رغبة الناس في الصحة والوزن المثالي الى أموال وثروات حتى لو كانت النتيجة فقدان الحياة.
هناك من يروج لأدوية لا فائدة منها تحت وهم زيادة حرق الدهون.. وهناك من يروج لأعشاب لم تتأكد فائدتها بطرق علمية محترمة، وهناك من يصف نفسه بالدكتور المتخصص في علاج السمنة وهو غير متخرج من كلية الطب .. وهناك أيضا الأطباء الذين أغراهم الكسب السريع فيغرون بدورهم الباحثين عن الرشاقة بالحقن والأجهزة التي لا طائل من ورائها سوى مكاسب الطبيب فاقد الضمير. وهناك من يغري الناس بالجراحة التي يؤكد أمانها بينما سجله مليء بالجرائم التي يمكن أن ينال بسببها لقب السفاح.
بينما القضية بكل بساطة هي توازن بين الداخل الى الجسم من طعام وشراب .. والمستهلك من الطاقة في الحركة والجهد الى جانب ما ينفقه الجسم في عمليات التمثيل الغذائي المختلفة.
وبدلا من أن يغلق الشخص فمه ويقرر أن يعيش حياته على اطلاقها ولا يجعلها مقصورة على مجرد تناول الطعام والشراب.. نجده يحاول البحث عن طرق سهلة لا ترهقه ولا تتعبه ولا تحرمه من لذة الأكل والشرب. فعندما يريد أن التسلية والترفيه يبحث عما يأكله ..مكسرات وغيرها.. وعندما يعمل يبحث عما يأكله.. وعندما يفرح يبحث عما يأكله.. وعندما يخرج يبحث عما يأكله..
ولقد اعتدت أن أمازح مرضاي في العيادة وأنا انصحهم بأن يستعملوا كل الفتحات الموجودة في رؤوسهم في التسلية والترفيه ما عدا فتحة الفم.. بالعيون يمكن القراءة أو متابعة التليفزيون.. بالأذان يمكن الاستماع للموسيقى والغناء أو ما طاب من فنون الاستماع.. ولكن يجب الابتعاد عن استعمال الفم في قزقزة اللب (البذور) والمكسرات هكذا “عمال على بطال”.
بعض المرضى يستسهلون.. يريدون أن يأكلوا ويشربوا ما لذ وطاب.. ثم يتناولون حبة من دواء تعود بهم الى الرشاقة والوزن المثالي.. وعلى هذا الوتر لعب الدواء الوهمي الذي يستخدم في الاعلان هذه المقولة: “تناول حبتين ثم كل ما شئت” .. وتكون النتيجة التي أراها في عيادتي زيادة هائلة في الوزن..
ولا أنسى هنا هذه المريضة المرحة التي كانت تخبرني أنها تعطي نظامي الغذائي الى الشغالة لكي تتبعه بدلا منها لكي تفقد هي الوزن الزائد .. كما كانت تطلب من الشغالة أن تمارس الرياضة التي قررتها للمريضة حتى ترتاح هي!!
ولعل الكثيرين والكثيرات يلجأون لنفس طريقة التفكير التي ذكرتها في سطوري السابقة .. فهم يريدون أن يفقدوا الوزن دون تعب .. بأقراص .. أو بجهاز.. أو حتى بجراحة تقطع من أمعائهم.. أو شفط للدهون المتراكمة من أجسادهم.. شريطة أن يظلوا هم يأكلون ويشربون ويتمتعون بهذه الطريقة الوحيدة في التسلية..
وهناك من مرضاي من يشترط في بداية لقائه معي ألا أحرمه من كذا وكذا من الوان الطعام.. كما يطلبون مني ألا أتدخل في توقيت تناول الوجبات لديهم.. فهذه تريد أن تتناول وجبة العشاء مع “الباشمهندس” زوجها عند رجوعه للمنزل الساعة الثالثة صباحا.. ويريدها أن تجلس للعشاء معه لكي تفتح نفسه.. وهذا بالطبع خطأ لأن التوقيت المنتظم لوجبات الطعام مهم جدا.. كما أن نوعية الطعام الذي يتناوله الزوج لا تتناسب مع وجبات النظام الغذائي الذي نصحناه به.. والنتيجة فشل ذريع لكل مخططات خفض الوزن.. وبعدها يتم البحث عن دواء أو أعشاب أو جهاز أو حقن أو جراحة لحل مشكلة السمنة .. والحل في متناول يد و”فم” الشخص نفسه.
وهناك بعض المعالجون الذي يهمهم بالدرجة الأولى ارضاء “زبائنهم” بغض النظر عن الفائدة.. فنظامه الغذائي مصمم لارضاء هؤلاء الزبائن.. إذن لا مانع من اضافة قطع الحلوى والجاتوه للنظام الغذائي.. ويقبل المخدوعين على هؤلاء المعالجين الذي لا يحرمونهم مما يشتهون من ألوان الطعام.. وتكون النتيجة دائما هي زيادة في الوزن.. لكن المعالجون “اياهم” لا ينقطعون عن وصفات الحلوى لمرضاهم الذين يقبل غيرهم وغيرهم رغبة في ريجيم لا يحرمهم من الحلويات..
وكل يوم يظهر نظام جديد.. وكل يوم موضة جديدة.. ولكن يظل في النهاية أن زيادة الوزن هي معادلة بين الداخل الى الجسم والخارج منه في صورة طاقة مستهلكة.. والى مزيد من “الدردشة” باذن الله.