يظن البعض أن مشكلة الانسان مع الأكل هي الوزن الزائد و السمنة ، و يغيب عن البال أن هناك من يشكو من جانب آخر للمشكلة .. النحافة . و العجيب أن زائدي الوزن يغبطون أهل النحافة و يحسدونهم و يتمنون لو أصيبوا بالنحافة مثلهم ، في حين أن النحفاء ينظرون نظرات الغيرة والغيظ من زائدي الوزن ، و يتعجبون من محاولاتهم لفقاد أوزانهم.
وفي واقع الأمر ، ان مشكلتا زيادة الوزن ونقصانه هما وجهان لعملة واحدة ، وهي قضية الأكل غير المتوازن ، حيث أن الطاقة الواردة للجسم أكثر من المنصرفة في حالة السمنة ، بينما هي أقل من المنصرفة في حالة النحافة .
هناك بعض الناس الذين يبدون أقل وزنا من المتوسط و لكنهم يتمتعون بصحة طيبة طوال حياتهم ، و هؤلاء لا يعانون من مشاكل طبية ، فقد تكون نحافتهم نتيجة لعوامل وراثية ، كأن يكون أحد الوالدين أو كلاهما وزنه أقل من المتوسط ، أو قد تكون نحافتهم نتيجة عدم تناول كميات ونوعيات مناسبة وكافية من الطعام . لكن بالنسبة للبعض الأخر قد يكون الوزن المنخفض علامة على وجود مشكلة طبية ، و خاصة عندما يكون هذا الانخفاض في الوزن غير مقصودا باتباع نظام غذائي لخفض الوزن مثلا ، أو أن يكون فجائيا . و أسباب انخفاض الوزن عديدة منها على سبيل المثال مشاكل في امتصاص الطعام من القناة الهضمية في حالات الاصابة بالطفيليات و الديدان ، وأيضا في حالات أمراض القولون وأورام الجهاز الهضمي ، وقد يحدث هذا في حالة الاصابة بمرض السكر أو الاسهال المزمن ، أو زيادة افراز الغدة الدرقية . كما أن اجراء جراحة أو اصابات جسدية أو التعرض لضغوط نفسية أو مؤثرات حياتية مثل فقد حبيب ، يمكن أن يؤدي الى فقد الشهية و نقصان الوزن الذي قد ينتج أيضا من التداوي ببعض العقاقير مثل تلك المضادة للأورام ، أو التعرض للاشعاع العلاجي حيث أن الأعراض الجانبية لهذا النوع من العلاج قد تؤدي الى القئ ثم فقدان الوزن .
وهناك الشخص النحيف الذي يعتقد أن وزنه أكثر من اللازم نتيجة الإصابة بمرض نفسي مثل “فقدان الشهية العصبي” حيث يمتنع عن الطعام رغبة منه في فقد الوزن الذي يتخيل أنه زائد عنده ، كما أن الشخص الذي يأكل ثم يتقيأ ما أكله في سبيل الحفاظ على وزنه يعاني من مرض نفسي آخر هو مرض “البوليميا” و هو ما كانت تعاني منه الأميرة الراحلة ديانا .
من كل ما سبق ، فإن على الشخص الذي يشكو من النحافة أن يطلب النصيحة الطبية الصادقة ، فيذهب الى الطبيب الذي يقوم بفحص طبي شامل يقيم فيه الحالة ، و اذا كانت نحافة فعلا و ليست وهما في ذهن المريض، فان الطبيب يبدأ في البحث عن أي سبب عضوي للنحافة ، ويطلب منه بعض التحاليل للبحث عن طفيليات في القناة الهضمية مثلا ، أو للتأكد من سلامة مستوي هورمونات معينة في الجسم ، أو للبحث عن علامات لسوء التغذية مثل فقر الدم ، و غير ذلك من التحاليل و الأبحاث التي قد يرى الطبيب أنها مهمة لتشخيص الحالة و من ثم علاجها بدقة .
وتعاني كثر من الزوجات النحيفات مشاكل زوجية متعددة نتيجة وزنهن المنخفض ، و احساسهن بأن الأزواج لهم متطلبات معينة في شكل الزوجة وحجمها ، وخوفهن من تأثر حياتهن الزوجية بنحافتهن حتى وان أقر الزوج أنه راض تماما عن وزن الزوجة وحجمها . وقد يشكل هذا الاحساس ضغطا نفسيا هائلا يدفع بالزوجة الى حالة من الاكتئاب و التوتر و القلق ، و الخوف من هجر الزوج اذا لم يزد وزنها .
نفس المشكلة تعاني منها بعض الأمهات عندما يرون أن أولادهن لا يظهرون في الوزن المناسب – من وجهة نظر الأم طبعا – و هنا أتوقف قليلا عند هذا “الوزن المناسب” ، ذلك أن هؤلاء الامهات يبالغن في تغذية أولادهن الى الحد الذي يصل بهم الى حالة السمنة المفرطة ، ثم بعد ذلك يذهبن الى الطبيب بأولادهن لطلب العلاج من السمنة!
والنحافة المرضية قد تكون واضحة الاسباب بعد الفحص الطبيي ، و لكن النحافة التي لا يوجد لها سبب طبي قد تكون لأسباب نفسية ، كما قد تكون ناتجة عن عدم تناول الطعام المناسب بالكمية و النوعية الكافية ، أو قد تكون نتيجة عدم تنظيم ساعات العمل أو المذاكرة والنوم ، اذ أنه من المعروف أن الجسم يفرز هورمونات النمو في ساعات النوم ، وعندما لا يتمتع الشخص بالنوم الكافي وخصوصا في فترة النمو ، فان نموه يتعرض لسلبيات كثيرة . ولا يجب أن يغيب عن الأذهان أن عديد من الأطفال في سن النمو يقضون ساعات طويلة في السهر سواء أمام التليفزيون ، أو مع ألعاب الفيديو و الانترنت و الكمبيوتر .
خطوات علاج النحافة في عيادتنا:
عندما نتشرف بحضور مريض بالنحافة الى عيادتنا، نستمع اليه ونسأله عدة أسئلة بخصوص تاريخه المرضي وتاريخ أسرته وأي تفاصيل علاجية تتصل بحالته، ثم نوقع عليه الكشف الطبي الكامل، وبعدها نطلب فحوصا معملية من واقع المعلومات التي حصلنا عليها من الكشف الطبي. بعد ذلك تكون كل المعلومات المطلوبة لتشخيص سبب الحالة قد تجمعت لدينا فنضع الخطة العلاجية الشاملة من علاج لأي حالات مرضية تكون قد تسببت في حالة النحافة، وأيضا نضع برنامجا غذائيا شاملا للخروج من حالة النحافة، مع استعمال للابر الصينية والليزر في حفز الشهية وتنشيطها، ويكون العلاج في صورة جلسات اسبوعية. يكون من حق المريض الاتصال بنا تليفونيا أو عن طريق النت بين مواعيد الجلسات حتى يحصل على اجابة كل الاستفسارات والاسئلة التي قد تعن له.